اللسان أمانة،استودعه الله عندنا وأمرنا بأن نستعمله في الذكر وفي العلم وفي التعليم وفي النصيحة وما أشبه ذلك، ولا نستعمله في غيبة ونميمة ولا في هجاء ولا في عيب وقذف وهمز ولمز وما أشبه ذلك. وهكذا بقية الجوارح أمانات داخلة في قول الله تعالى: (والذين هم لأماناتهم وعهدهم راعون) . الاعمى إذا أراد الصلاة فعليه أن يتحرى القبلة باللمس للحيطان إذا كان صاحب البيت، وإلا فعليه أن يسأل من حضر عنده، فإن لم يكن عنده من يسأله تحرى وصلى بالاجتهاد الغالب على ظنه، ولا إعادة عليه، كالبصير إذا اجتهد في السفر ثم تبين له خطأ اجتهاده فلا إعادة عليه. القلوب أوعية؛ منها ما يستوعب الخير، ومنها ما يستوعب الشر. وأفضل القلوب هي التي تمتلئ بالخير،تمتلئ بالعلم وتمتلئ بالدين والعبادة، تمتلئ بالعلم النافع والعقيدة السليمة، هذه هي القلوب الواعية، وهي أرجى القلوب لتحصيل الخير من كان مسافرا ولم يصل المغرب والعشاء فأدرك العشاء خلف إمام مقيم فالمختار أنه يصلي المغرب وحده، فإذا صلاها دخل معه في بقية العشاء، وذلك لاختلاف النية؛ فإن المغرب والعشاء متفاوتان بينهما فرق في عدد الركعات. هذا الذي نختاره. وأجاز بعض المشائخ أنه يدخل معهم بنية المغرب، فإذا صلوا ثلاثا فارقهم وتشهد لنفسه وسلم، ثم صلى العشاء، ولكل اجتهاده الدين الذي في ذمة من هو قادر على الوفاء يزكى؛ لأنه بمنزلة الأمانة عنده، ويقدر صاحبه أن يأخذه ويتحصل عليه متى طلبه، وأما الدين الذي عند معسر أو مماطل ولو كان غنيا، فإن صاحبه لا يقدر على الحصول عليه، ولو طالبه قد يدعي الإعسار والفقر، فمثل هذا المال كالمعدوم، فلا زكاة عليه إلا إذا قبضه
إبهاج المؤمنين بشرح منهج السالكين وتوضيح الفقه في الدين (الجزء الثاني)
229379 مشاهدة
القضاء


كتــاب القضــاء
والدعاوى والبينات وأنواع الشهادات


كتاب: القضاء والدعاوى والبينات وأنواع الشهادات
والقضاء لا بد للناس منه، .


كتاب: القضاء والدعاوى والبينات وأنواع الشهادات
ابتدأ في كتاب القضاء وجعل معه الدعاوى والبينات والشهادات، وهي أبواب كثيرة لكنه أجملها للاختصار.
قوله: (والقضاء لا بد للناس منه):
القضاء: هو فصل الخصومات وفك المنازعات.
معلوم أن الناس لا بد أن يحصل بينهم غالبا تعديات ومظالم واعتداءات من بعضهم على بعض، وأخذ لما لا يستحق أن يؤخذ، فمثل هذا يعتبر ظلمًا، فمن أجل ذلك لا بد أن يؤخذ الحق من الظالم، أي: لا بد أنه يقتص منه ويؤخذ منه الحق، وقد يجحد وينكر ويدعي أن الحق معه، فمن أجل ذلك احتيج إلى نصب القاضي الذي يسمع القضية من هذا ومن هذا.
وقد بعث النبي -صلى الله عليه وسلم- معاذًا قاضيًا وبعث عليًّا أيضًا وأمره أن يقضي بين الناس فقضى في مسائل كثيرة، وأوصاه وقال له: إذا جاءك الخصم فلا تقض له حتى تسمع كلام خصمه، فإنك تعرف كيف تقضي وقيل: من جاءك وقد فقئت عينه فلا تسمع منه حتى يأتي خصمه، فربما تكون قد فقئت عيناه، يعني: لا تحكم على غائب، فدل على أن هناك ما يحتاج إليه في القضاء.
الترغيب في القضاء والترهيب منه
وقد ورد الترغيب في القضاء والترهيب منه:
* فمما ورد في الترهيب من القضاء قوله صلى الله عليه وسلم: من ولي القضاء فقد ذبح بغير سكين يعني: أنه على خطر؛ لأنه قد يميل مع هذا أو يحكم لهذا أو ما أشبه ذلك.
ومن الترهيب أيضا قوله صلى الله عليه وسلم: يدعى بالقاضي العادل يوم القيامة، فيلقى من شدة الحساب ما يتمنى أنه لم يقض بين اثنين في تمرةٍ وفي رواية: في عُمْره، يعني: أنه يحاسب حسابًا شديدًا على القضايا حتى يتمنى أنه ما دخل في سلك القضاء.
ومما ورد في الترغيب فيه قوله صلى الله عليه وسلم: إذا اجتهد الحاكم فأصاب فله أجران ، وإذا اجتهد فأخطأ فله أجر فعذره بشرط الاجتهاد أنه إذا تولى وهو أهل وكفء لذلك فإنه يؤجر عليه.
وورد في حديث: القضاة ثلاثة: قاضيان في النار، وقاض في الجنة، قاض عرف الحق وخالفه فهو في النار، وقاض قضى للناس على جهل فهو في النار، وقاض عرف الحق وقضى به فهو في الجنة . وغير ذلك من الأحاديث.