اللسان أمانة،استودعه الله عندنا وأمرنا بأن نستعمله في الذكر وفي العلم وفي التعليم وفي النصيحة وما أشبه ذلك، ولا نستعمله في غيبة ونميمة ولا في هجاء ولا في عيب وقذف وهمز ولمز وما أشبه ذلك. وهكذا بقية الجوارح أمانات داخلة في قول الله تعالى: (والذين هم لأماناتهم وعهدهم راعون) . إن المسلم الملتزم بدين الله ، والذي سار على صراط الله المستقيم ، سيجد دعاة الضلال والانحراف؛ وهم واقفون على جانبي الطريق، فإن أنصت لهم والتفت إليهم عاقوه عن السير، وفاته شيء كثير من الأعمال الصالحة. أما إذا لم يلتفت إليهم؛ بل وجه وجهته إلى الله فهنيئا له الوصول إلى صراط ربه المستقيم الذي لا اعوجاج فيه ولا انحراف الإسلام خير الأديان نظافة وآدابا، ولم يترك رسول الله صلى الله عليه وسلم لأتباعه أمرا إلا بينه لهم، حتى آداب قضاء الحاجة وما يتعلق بها من التباعد عن النجاسات ونحو ذلك    جاء الشرع الشريف مرغبا في حسن المعاملة مع الأفراد والجماعات ؛ فحث على اختيار الرفقاء الصالحين ونفر من قرناء السوء، ورغب في زيارة الإخوان والأنس بهم، وأخبر بأن المؤمن الذي يخالط الناس ويصبر على أذاهم أفضل من صاحب العزلة؛ فإن الأول ينفع الناس ويرشدهم، ويتحمل ما ناله في ذات الله من إساءة وضرر. اشترط كثير من العلماء أن يكون التيمم بتراب له غبار يعلق باليد، ومنعوا التيمم بالرمل ونحوه مما لا غبار له، وألزموا المسافر أن يحمل معه التراب إذا سافر في أرض رملية، ولعل الصحيح جواز التيمم بالرمل؛ لعموم قوله صلى الله عليه وسلم: "جعلت لي الأرض مسجدا وطهورا" متفق عليه.
إبهاج المؤمنين بشرح منهج السالكين وتوضيح الفقه في الدين (الجزء الثاني)
235280 مشاهدة
باب القسمة

[ باب: القسمة ]
وهي نوعان:
* قسمة إجبار فيما لا ضرر فيه، ولا رد عوض، كالمثليات، والدور
الكبار، والأملاك الواسعة.
* وقسمة تراض وهي ما فيه ضرر على أحد الشركاء في القسمة، أو فيه رد عوض، فلا بد فيها من رضا الشركاء كلهم.
وإن طلب أحدهم فيها البيع: وجبت إجابته،
وإن أجروها: كانت الأجرة فيها على قدر ملكهم فيها. والله أعلم.
.


[ باب: القسمة ]
ذكر بعد ذلك باب القسمة وإنما ذكرها في القضاء؛ لأن القاضي يحتاج إلى أن يقسم الأشياء التي بين الشركاء.
والقسمة، أي: قسمة الأموال التي بين الشركاء، والغالب أنهم إنما يقصدون بذلك العقار.
قوله: (وهي نوعان: قسمة إجبار فيما لا ضرر فيه ولا رد عوض... إلخ):
فإذا كان بينهما دار كبيرة يمكن أن تقسم نصفين، لهذا نصفها ولهذا نصفها، فطلب أحدهما قسمها أجبر الآخر على القسمة؛ لأنه لا ضرر عليه، فهذا له هذه الجهة وهذا له هذه الجهة.
وكذلك الأرض إذا كان بينهما مزرعة واسعة يمكن قسمتها بلا رد عوض، فإن ذلك أيضا يجبر عليه فإن هذه الأرض الواسعة، تزرع أنت هنا ويزرع هو هنا ولا ضرر في ذلك ولا حاجة إلى رد عوض.
ورد العوض كأن يقال: هذه فيها بئر وفيها ماء وفيها شجر وهذه ليس فيها شيء فأنت يا صاحب الأرض التي فيها شجر وآبار أعطه ألفًا أو مائة ألف، فهذا رد عوض. فمثل هذا لا يجبر على القبول إلا إذا لم يكن فيها رد عوض.

والمثليات: يعني: الأشياء المتماثلة، إذا طلب قسمتها، كأكياس مثلاً من بر، أو من أرز مثلاً أو أواني متساوية، أو إذا ورثوا منقولات وطلب الورثة قسمتها، فإذا ورثوا مثلاً سيارتين متساويتين بالقيمة، فليس فيهما رد عوض، نقول: هذا له هذه وهذا له هذه أو ما أشبه ذلك.
قوله: (وقسمة تراض، وهي ما فيه ضرر على أحد الشركاء في القسمة، وفيه رد عوض... إلخ):
فإذا كانت الأرض صغيرة إذا قسمت تضرر هذا، أو كانت مثلاً بين اثنين أحدهما له الثلثان والآخر له الثلث، فإذا قسمنا له ثلثها تضرر لأنها صغيرة لا يزرع فيها ولا يبنى فيها، وصاحب الثلثين يمكن أنه ينتفع بها وصاحب الثلث يتضرر، فمثل هذه نسميها قسمة تراض لا تقسم إلا إذا تراضيا، أي: إذا رضي كل واحد منهما بالقسمة.
وفيها رد عوض: إذا كان مثلاً إحداهما أرغب من الأخرى فرضنا عليه أن يعطي الآخر عوضا كالدراهم، والحاصل: أنه لا بد فيها من رضا الشركاء كلهم.
قوله: (وإن طلب أحدهم فيها البيع وجبت إجابته):
إذا قالوا: إذا قسمناها تضررنا، أو إذا كان نصيب أحدهم لا يساوي شيئًا وطلب البيع فإنهم يجبرون والحالة هذه على بيعها.

قوله: (وإن أخروها كانت الأجرة فيها على قدر ملكهم فيها):
إذا أجروا هذه ا لأرض مزرعة أو أجروا هذا الدكان الصغير مثلاً، تكون الأجرة على قدر ملكهم، فهذا له الربع وهذا له ثلاثة الأرباع وما أشبه ذلك.