الدين الذي في ذمة من هو قادر على الوفاء يزكى؛ لأنه بمنزلة الأمانة عنده، ويقدر صاحبه أن يأخذه ويتحصل عليه متى طلبه، وأما الدين الذي عند معسر أو مماطل ولو كان غنيا، فإن صاحبه لا يقدر على الحصول عليه، ولو طالبه قد يدعي الإعسار والفقر، فمثل هذا المال كالمعدوم، فلا زكاة عليه إلا إذا قبضه الإسلام خير الأديان نظافة وآدابا، ولم يترك رسول الله صلى الله عليه وسلم لأتباعه أمرا إلا بينه لهم، حتى آداب قضاء الحاجة وما يتعلق بها من التباعد عن النجاسات ونحو ذلك القلوب أوعية؛ منها ما يستوعب الخير، ومنها ما يستوعب الشر. وأفضل القلوب هي التي تمتلئ بالخير،تمتلئ بالعلم وتمتلئ بالدين والعبادة، تمتلئ بالعلم النافع والعقيدة السليمة، هذه هي القلوب الواعية، وهي أرجى القلوب لتحصيل الخير إن المؤمن بربه يرضى بالقضاء والقدر، ويعلم أن ما أصابه لم يكن ليخطئه، ويعلم أن في الابتلاء والامتحان خيرا كثيرا وأجرا كبيرا، وأن المصائب والنكبات يخفف الله بها من الخطايا، فيستحضر قول النبي صلى الله عليه وسلم: "ما أصاب العبد المسلم من نصب ولا وصب ولا هم ولا حزن ولا أذى ولا غم، حتى الشوكة يشاكها، إلا كفر الله بها من خطاياه" متفق عليه من كان مسافرا ولم يصل المغرب والعشاء فأدرك العشاء خلف إمام مقيم فالمختار أنه يصلي المغرب وحده، فإذا صلاها دخل معه في بقية العشاء، وذلك لاختلاف النية؛ فإن المغرب والعشاء متفاوتان بينهما فرق في عدد الركعات. هذا الذي نختاره. وأجاز بعض المشائخ أنه يدخل معهم بنية المغرب، فإذا صلوا ثلاثا فارقهم وتشهد لنفسه وسلم، ثم صلى العشاء، ولكل اجتهاده
إبهاج المؤمنين بشرح منهج السالكين وتوضيح الفقه في الدين (الجزء الثاني)
257791 مشاهدة
الظهار

والظهار: أن يقول لزوجته: أنت علي كظهر أمي، ونحوه من ألفاظ
التحريم الصريحة لزوجته. فهو منكر وزور.


ثانيا: الظهار:
قوله: (والظهار: أن يقول لزوجته أنت علي كظهر أمي ونحوه... إلخ):
ذكر الله الظهار في قوله: الَّذِينَ يُظَاهِرُونَ مِنْكُمْ مِنْ نِسَائِهِمْ مَا هُنَّ أُمَّهَاتِهِمْ إِنْ أُمَّهَاتُهُمْ إِلَّا اللَّائِي وَلَدْنَهُمْ المجادلة: 2 .

إن الذي يحرم امرأته ويشبهـها بأمه، فإنها ليست بأمه، فإن أمه هي التي حملته في بطنها ثم ولدته، فهذه هي التي تحرم عليه، ثم قال: وَإِنَّهُمْ لَيَقُولُونَ مُنْكَرًا مِنَ الْقَوْلِ وَزُورًا وَإِنَّ اللَّهَ لَعَفُوٌّ غَفُورٌ المجادلة: 2 فسماه الله منكرًا وزورًا من القول، فدل على أنه كلام محرم، أي: تحريم امرأته وتشبيهها بأمه.
وقال تعالى: وَمَا جَعَلَ أَزْوَاجَكُمُ اللَّائِي تُظَاهِرُونَ مِنْهُنَّ أُمَّهَاتِكُمْ الأحزاب: 4 أي: ليست زوجتك أمّا لك.
فالظهار أن يقول لزوجته: أنت عليّ كظهر أمي، أو يقول: أنت عليّ كفرج أمي، أو يقول: أنت علي مثل أمي.
وقد يشبهها بغير الأم فيقول: أنت علي مثل ابنتي أو مثل أختي، أو نكاحك علي كنكاح خالتي أو عمتي أو بنت أخي أو غيرهن من المحرمات عليه، ومثله إذا قال: أنت محرمة عليّ أو زوجتي حرام عليّ.
وأما إذا قال: علي الحرام، فهذه اللفظة قد اختلف العلماء فيها على أقوال حتى أوصلها بعضهم إلى عشرة أقوال، فمنهم من قال: إنها يمين، ومنهم من قال: إنها طلاق، ومنهم من قال: إنها ظهار، ومنهم من قال: إنها تحريم، ومنهم من فصَّل في ذلك، ولعل الأمر يرجع إلى نيته، فإذا قال: عليه الحرام ونيته تحريم امرأته حسبناه ظهارًا، وإذا قال: عليّ الحرام ونيته تحريم فعل، مثل أن يقول:
علي الحرام لا أركب مع فلان فنيته تحريم الركوب لا تحريم المرأة؛ فإنها يمين وهكذا.

والحاصل: أن هذه الألفاظ ونحوها من ألفاظ التحريم منكر من القول وزور والواجب على الإنسان أن يحفظ لسانه ويملك نفسه عند الغضب حتى لا يقع في مثل هذه الألفاظ وهذه الجمل فتكون عاقبته وخيمة وحينها يندم ولا ينفع الندم.