إن الغذاء الطيب من مكسب حلال يكسب القلب قوة، ويكسبه صفاء وإخلاصا، ويكون سببا في قبول الأعمال وإجابة الدعوات. والغذاء الطيب يكون سببا في بركة الله ومباركته للأعمال والأعمار والأموال، وأثر ذلك واضح، فقد ثبت عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: (كل لحم نبت على سحت فالنار أولى به) logo تفكروا في آيات الله وكيف بسط الله عز وجل الأرض، وجعل فيها الجبال والوهاد والأودية، والمنخفضات والمرتفعات والرمال والأبطحة، والمعادن التي في جوفها والمياه، وما شابه ذلك.فلو أن الإنسان أخذ يتدبر في هذه المخلوقات وأخذ يكرر ذلك لحفظ وقته من الضياع، وازداد يقينا وقوي إيمانه، ولم تتطرق إلى عقله الشكوك والتخيلات الشيطانية. إن غسل أعضاء الوضوء في اليوم خمس مرات دليل على أن الإسلام جاء بما ينشط البدن وينظفه، كما جاء بما يطهر الروح ويزكيها. فهو دين الطهارة الحسية والمعنوية.       إن المؤمن بربه يرضى بالقضاء والقدر، ويعلم أن ما أصابه لم يكن ليخطئه، ويعلم أن في الابتلاء والامتحان خيرا كثيرا وأجرا كبيرا، وأن المصائب والنكبات يخفف الله بها من الخطايا، فيستحضر قول النبي صلى الله عليه وسلم: "ما أصاب العبد المسلم من نصب ولا وصب ولا هم ولا حزن ولا أذى ولا غم، حتى الشوكة يشاكها، إلا كفر الله بها من خطاياه" متفق عليه. إذا عرف الصغير ربه، وعظم قدر ربه في قلبه، نشأ على طاعة الله تعالى، ونشأ على محبته، وأحب عبادة الله وعظمها في صغره، وسهلت عليه وداوم عليها في كبره، وكره المعصية ونفر منها، وكره كل ما نهى الله تعالى عنه؛ حيث أن آباءه يعلمونه الخير ويؤدبونه عليه
shape
إبهاج المؤمنين بشرح منهج السالكين وتوضيح الفقه في الدين (الجزء الثاني)
279456 مشاهدة print word pdf
line-top
شروط بيع المكيل والموزون من غير جنسه

وإن بيع مكيل بمكيل من غير جنسه أو موزون بموزون من غير جنسه: جاز، بشرط التقابض قبل التفرق. وإن بيع مكيل بموزون أو عكسه: جاز، ولو كان القبض بعد التفرق. والجهل بالتماثل كالعلم بالتفاضل.


قوله: (وإن بيع مكيل بمكيل من غير جنسه، أو موزون بموزون من غير جنسه: جاز، بشرط التقابض قبل التفرق):
صورة ذلك: إذا بيع بر بأرز فيشترط التقابض دون التماثل، فيجوز أن تبيع صاع أرز بصاعين من بر أو العكس، أو صاع بر بصاعين من الشعير أو بصاعين من التمر، وذلك لعدم الجنسية، فالجنس مختلف، ولكن العلة واحدة وهي الكيل أو الطعم أو القوت.
وكذلك يجوز بيع موزون بموزون من غير جنسه ؛ فتبيع مثلا كيلو من لحم السمك بكيلوين من لحم الإبل؛ يجوز لاختلاف الجنس.
ولكن يشترط التقابض فيكون يدا بيد، ودليله في هذا الحديث: فإذا اختلفت هذه الأصناف فبيعوا كيف شئتم إذا كان يدا بيد إذا بيع مكيل بمكيل ولكن مختلف كملح ببر، كصاع بر بعشرة آصع ملح يجوز، ولكن التقابض لا بد منه، فلا بد أن يكون يدا بيد، فالذي يحذر منه هو بيع تمر بتمر متفاضلا، فعند بيع التمر بالتمر لا بد من شرطين: التماثل والتقابض، وأما إذا بيع تمر بزبيب فإن الجنس اختلف، فيجوز التفاضل بشرط التقابض قبل التفرق، فلو كان أحدهما غائبا فإنه لا يجوز البيع. فإذا أرسلوا من يأتي به فلما حضر، قيل له: هذا الكيس من التمر بهذا الكيس من البر، جاز ذلك، ولو كان أحدهما أكثر من الآخر.
قوله: (وإن بيع مكيل بموزون أو عكسه جاز، ولو كان القبض بعد التفرق):
لاختلاف العلة، فتكون في هذه الحال العلة مختلفة، ومثاله: لحم ببر، فالعلة في اللحم: الوزن، والعلة في البر: الكيل، فلما اختلفت العلة صار موزونا بمكيل؛ فجاز التفرق وجاز التفاضل، فتقبض مثلا اللحم ولو تأخر قبض البر أو بالعكس؛ جاز القبض بعد التفرق.
قوله: (والجهل بالتماثل كالعلم بالتفاضل):
هذه قاعدة من قواعد الفقهاء، والجهل بالتماثل هو: أن يقع الشك في هذين الكيسين: كيس بر وكيس بر، وكيس أرز وكيس أرز، ولا ندري ما مقدار هذا وما مقدار هذا، فيمكن أن يكون أحدهما أكثر من الآخر، فهذا جهل بالتماثل، وهذا الجهل بمنزلة العلم بالتفاضل، يعني: بمنزلة ما لو عرف أن هذا عشرة وهذا أحد عشر، فلا يجوز، والعلم بالتفاضل هو أن نعلم يقينا أن أحدهما أكثر من الآخر، فإذا جهلنا تماثلهما وتساويهما فإننا لا نبيعهما حتى نتحقق التماثل بالكيل أو الوزن أو بالمعيار الشرعي.

line-bottom