إبهاج المؤمنين بشرح منهج السالكين وتوضيح الفقه في الدين (الجزء الثاني)
بيع الخمر والميتة والأصنام والنجش والبيع على بيع المسلم
[ الشرط السادس]: ومن الشروط: أن لا يقع العقد على محرم شرعا:
إما لعينه، كما رسم> نهى النبي -صلى الله عليه وسلم- عن بيع الخمر والميتة والأصنام متن_ح> رسم> متفق عليه حديث> .
وإما لما يترتب عليه من قطيعة المسلم، كما رسم> نهى النبي -صلى الله عليه وسلم- عن البيع على بيع المسلم، والشراء على شرائه، والنجش متن_ح> رسم> متفق عليه حديث> .
الشرط السادس: أن يكون المبيع مباحا رأس>
قوله: (ومن الشروط: أن لا يقع العقد على محرم شرعا... إلخ):
يعني: من شروط البيع أن يكون المبيع مباحا، يباح الانتفاع به بكل حال، فيخرج ما لا يجوز بيعه مثل: المحرمات؛ كالكلاب، والسباع، والخمور، وآلات الغناء، والصور، وما أشبهها، فإن بيعها باطل؛ لأنها محرمة، والذي يشتريها يستعملها في محرم، والذي يبيعها يعين بها على محرم.
كذلك إذا كان التحريم شرعيا ليس تحريما عقليا؛ لأن تحريم الخمور مثلا والميتات والخنازير تحريم عقلي؛ لأن العقل يؤيده، ولكن تحريم الربا وتحريم العينة وما أشبهها محرم شرعا، فإذا كان المبيع محرما في الشرع أو محرما في العقل، فإن العقد عليه باطل، ودليل ذلك حديث جابر اسم> قال: رسم> نهى النبي -صلى الله عليه وسلم- عن بيع الخمر والميتة والأصنام متن_ح> رسم> فالخمر محرم شرعا والعقل يؤيد تحريمه، والميتة محرمة شرعا وطبعا، والأصنام محرمة شرعا؛ لأنه لا نفع فيها.
كذلك الذي يحرم لما يترتب عليه من القطيعة بين المسلمين، كقوله صلى الله عليه وسلم: رسم> لا يبع بعضكم على بيع بعض متن_ح> رسم> فقد نهى الرسول -صلى الله عليه وسلم- أن يبيع أحدكم على بيع أخيه أو يشتري على شراء أخيه؛ لأنه يسبب التقاطع والتشاحن.
وصورة البيع على بيع أخيه رأس> إذا رأيت أخاك يبيع سلعة وليكن ثوبا بعشرة دراهم، فدعوت المشتري قبل أن يتفرقا، وقلت له: أنا أبيعك بتسعة، فإن أخاك يسخط عليك، ويحقد عليك، ويحدث بينك وبينه عداوة، إلا إذا كان بيع مزايدة أو بيع مناقصة.
وبيع المناقصة رأس> أن تعلن- مثلا- شركة عن رغبتها في سيارات، فيأتيهم هذا فيقول: عندي سيارات وسعرها ستون، ثم يأتي آخر فيقول: عندي سيارات سعرها تسعة وخمسون، ثم يأتي آخر فيقول: عندي سيارات سعرها ثمانية وخمسون، فهذا بيع المناقصة.
وكذلك شراء المزايدة : فإذا عرضت في السوق سلعة، فقال هذا: أنا أشتريها بعشرين، فقال الثاني: بل بواحد وعشرين، فقال الثالث: بل باثنين وعشرين، فهذا يسمى بيع المزايدة.
قد ثبت رسم> أنه -صلى الله عليه وسلم- رأى رجلا يسأل، فقال: ألا تملك شيئا، فأخبر بأن عنده قدحا وإناء، فقال: ائتني بهما، فقال: من يشتريهما، فقال رجل: بدرهم، فقال: من يزيد على درهم فقال آخر: بدرهمين، ثم باعها بالمزايدة، ثم أمره أن يشتري فأسا وحبلا، وأن يحتطب وأن يبيع وأن يغني نفسه متن_ح> رسم> . فالحاصل أن هذا هو بيع مزايدة رأس>
أما عدم المزايدة فمثلا إذا رأيت أخاك اشترى ثوبا بعشرة، وهو محتاج إليه، وبعدما تم البيع، إلا أنهما لم يتفرقا، قلت للبائع: أنا أشتريه منك بأحد عشر، فانتزعه من المشتري الأول وباعه عليك، فهذا لا يجوز؛ لأنه يسبب البغضاء بين الناس.
كذلك ثبت عن النبي أنه قال: رسم> لا تدابروا، ولا تقاطعوا، ولا تحاسدوا، ولا تناجشوا متن_ح> رسم> والنجش رأس> هو: الزيادة في السلعة ممن لا يريد شراءها، فإما أنه يريد نفع البائع أو ضرر المشتري، فالناجش خاطىء، فإذا- مثلا- عرض هذا الكتاب وقيمته عادة خمسة دراهم، وهناك إنسان بحاجة إليه، ولكنه لا يعرف القيمة، فجاء إنسان فقال: بستة، فصاحبنا الذي أراده قال: أشتريه بسبعة، فقال هذا الناجش: بثمانية، فقال صاحبنا: بتسعة، فقال الناجش: بعشرة، فقال صاحبنا: بأحد عشر، وقيمة الكتاب أصلا خمسة دراهم، وهذا الناجش لا يريد شرائه، وليس له حاجة إليه، ولكن يريد أن يزيد فيه حتى ينفع البائع؛ أو يريد ضرر المشتري فهذا حرام.
مسألة>