إذا ضعفت العقيدة في القلوب ضعف العمل، فإذا رأيت الذي يكون ضعيفا في عباداته، في صلواته وزكواته وما إلى ذلك، فاعلم أن ذلك لضعف في عقيدته بالأساس.فالعقيدة حقيقة إذا امتلأ بها القلب ظهرت آثارها على الجواربالوقوف قائما أو عدم الاستظلال أو بترك الكلام فهذا ليس فيه طاعة logo قال النبي صلى الله عليه وسلم: "أد الأمانة إلى من ائتمنك، ولا تخن من خانك". فلو خانك إنسان فلا تجازه بالخيانة، بل اصفح وتجاوز عنه حتى يثيبك الله بالحسنى ويعفو عنك، ويعاقبه على خيانته إذا كان قد تعمدها، ولربما ندم إذا رآك تعامله بهذه المعاملة وهو قد خان! فيندم ويتخلق بأخلاقك؛ فيكون عملك هذا دعوة وسببا للتخلق بهذا الخلق العظيم. شرع الله تطهير هذه الأعضاء وغسلها وتنظيفها عند القيام إلى الصلاة أو عند وجود حدث؛ حتى يصير المصلي نظيف البدن، وحتى يحصل له النشاط والقوة، وحتى يقبل على الصلاة بصدق ومحبة ورغبة الإسلام خير الأديان نظافة وآدابا، ولم يترك رسول الله صلى الله عليه وسلم لأتباعه أمرا إلا بينه لهم، حتى آداب قضاء الحاجة وما يتعلق بها من التباعد عن النجاسات ونحو ذلك لا بأس أن يكتب المسلم اسمه في طرة المصحف (جانبه) مخافة اشتباه مصحفه بغيره، فقد لا يناسبه إلا مصحفه المخصص له، ولا بأس أن يكتب بعض الفوائد على الهوامش كتفسير كلمة أو سبب نزول أو ما أشبه ذلك.
shape
إبهاج المؤمنين بشرح منهج السالكين وتوضيح الفقه في الدين (الجزء الثاني)
279421 مشاهدة print word pdf
line-top
شرح حديث ثلاثة أنا خصمهم يوم القيامة

وعن أبي هريرة مرفوعا: قال الله تعالى: ثلاثة أنا خصمهم يوم القيامة: رجل أعطى بي ثم غدر، ورجل باع حرا فأكل ثمنه، ورجل استأجر أجيرا فاستوفى منه ولم يعطه أجره رواه مسلم .


قوله: (وعن أبي هريرة مرفوعا: قال الله تعالى: ثلاثة أنا خصمهم يوم القيامة: رجل أعطى بي ثم غدر... إلخ):
* فقوله: ثلاثة أنا خصمهم يوم القيامة وفي رواية: ومن كنت خصمه خصمته وهذا صحيح فلا أحد يقدر أن يخاصم الله تعالى.
* الأول: رجل أعطى بي ثم غدر الغدر: هو الخلف وأعطى بي: يعني:
تعهد، وقال: لك عهد الله وميثاقه أنني أوفيك في كذا، أو لا آخذ منك إلا قدر كذا وكذا، ثم إنه غدر، فهذا يخصمه الله يوم القيامة.
والغدر من صفات المنافقين كما ورد في الحديث: أربع من كن فيه كان منافقا خالصا، ومن كان فيه خصلة منهن كانت فيه خصلة من النفاق حتى يدعها وذكر منها قوله: إذا عاهد غدر .
وفي حديث آخر أنه عليه السلام قال: يرفع لكل غادر لواء يوم القيامة، يقال: هذه غدرة فلان ابن فلان والغدر كذب؛ لأنه يتوثق منك وتتوثق منه، ثم لا تفي بذلك.
* الثاني: ورجل باع حرا فأكل ثمنه فهذا أكل حراما؛ لأن بيع الحر حرام، يعني: إذا قهر إنسانا فظلمه، وقال: هذا مملوكي، هذا عبدي، ثم باعه فأكل ثمنه.
* الثالث: ورجل استأجر أجيرا فاستوفى منه ولم يعطه أجره وهذا أيضا حرام، أن يستأجر رجل لعمل ما ثم إذا انتهى من العمل يمنعه حقه ولا يعطيه أجره ويقع هذا كثيرا- والعياذ بالله- في هذه الأزمنة، بالنسبة للعمالة؛ يستقدمونهم كعمال، ويفرضون لهم هناك- مثلا- أن أجرتك ألف، فإذا جاء إلى هنا لم يعطه إلا ستمائة أو نحوها، فهذا خيانة وكذب، حتى ذكر لي أحد العمال أنه جاء على كفالة شركة وقد فرضوا له راتبا أربعمائة وفرضوا له أيضا سكنى ونفقة ينفقونها عليه، ثم إنهم جعلوه خادما في مسجد ولم يعطوه إلا غرفة صغيرة، أما الأجرة فبخسوه ولم يعطوه إلا مئتين وخمسين، أليس هذا منتهى الظلم؟! وقالوا: إن هذا الراتب يشمل نفقة طعامك.
فلا شك أن هؤلاء ممن يكون الله تعالى خصمهم يوم القيامة.

line-bottom