شرع الله تطهير هذه الأعضاء وغسلها وتنظيفها عند القيام إلى الصلاة أو عند وجود حدث؛ حتى يصير المصلي نظيف البدن، وحتى يحصل له النشاط والقوة، وحتى يقبل على الصلاة بصدق ومحبة ورغبة logo اشترط كثير من العلماء أن يكون التيمم بتراب له غبار يعلق باليد، ومنعوا التيمم بالرمل ونحوه مما لا غبار له، وألزموا المسافر أن يحمل معه التراب إذا سافر في أرض رملية، ولعل الصحيح جواز التيمم بالرمل؛ لعموم قوله صلى الله عليه وسلم: "جعلت لي الأرض مسجدا وطهورا" متفق عليه. (يجب) على الوالد التسوية بين أولاده في العطية والتمليك المالي، (ويستحب) له التسوية في المحبة والرعاية، لكن إذا كان فيهم من هو معاق أو مريض أو صغير ونحوه فالعادة أن يكون أولى بالشفقة والرحمة والرقة. وقد سئل بعض العرب: من أحب أولادك إليك؟ فقال: الصغير حتى يكبر، والمريض حتى يبرأ، والغائب حتى يقدم. إن أهمية الوقت معلومة عند كل عاقل؛ ذلك أن وقت الإنسان هو رأسماله، وهو عمره أيامه ولياليه، فإذا ما ضاع رأس المال، ضاعت الأرباح، وإذا عرف الإنسان ذلك، حرص على أن يستغلها ويستفيد منها وألا يضيعها، ليكون بذلك رابحا الدين الذي في ذمة من هو قادر على الوفاء يزكى؛ لأنه بمنزلة الأمانة عنده، ويقدر صاحبه أن يأخذه ويتحصل عليه متى طلبه، وأما الدين الذي عند معسر أو مماطل ولو كان غنيا، فإن صاحبه لا يقدر على الحصول عليه، ولو طالبه قد يدعي الإعسار والفقر، فمثل هذا المال كالمعدوم، فلا زكاة عليه إلا إذا قبضه
shape
إبهاج المؤمنين بشرح منهج السالكين وتوضيح الفقه في الدين (الجزء الثاني)
290701 مشاهدة print word pdf
line-top
الرجوع في الهبة والعطية

وبعد تقبيض الهبة وقبولها لا يحل الرجوع فيها لحديث: العائد في هبته كالكلب يقيء ثم يعود في قيئه متفق عليه .
وفي الحديث الآخر: لا يحل لرجل مسلم أن يعطي العطية ثم يرجع فيها، إلا الوالد فيما يعطي لولده رواه أهل السن .


قوله: (وبعد تقبيض الهبة وقبولها لا يحل الرجوع فيها، لحديث: العائد في هبته ... الخ):
الهبة تلزم بالقبض، فإذا قال مثلا: وهبتك كذا ولم يقبضه جاز له أن يرجع ويقول: لا حق لك فيه، أما إذا أخذ الهبة وقبضها، فحرام على الواهب أن يستردها؛ لهذا الحديث: العائد في هبته كالكلب يقيء ثم يعود في قيئه فالكلب وبعض السباع إذا أكل كثيرا أو امتلأ بطنه فإنه يقيء ما في بطنه، ثم بعد ذلك يرجع إلى قيئه ويأكله. فالرسول عليه السلام جعلها مثلا مستبشعا مستقذرا لمن يهب هبة ثم يستردها ولو كانت شيئا يسيرا، يقول قتادة ولا أعلم القيء إلا حراما، يعني: لأنه مستقذر، ولو أكل الإنسان طعاما طيبا شهيا، ثم بعد ذلك وجد ثقلا فتقيأ وأخرجه، فإنه مستقذر؛ فكونه يعيده ويأكله مرة ثانية هذا حرام.
قوله: (وفي الحديث الآخر: لا يحل لرجل مسلم أن يعطي العطية ثم يرجع فيها، إلا الوالد فيما يعطي لولده ):
وذلك لقوله عليه الصلاة والسلام: أنت ومالك لأبيك فالوالد له أن يتملك من مال أولاده الشيء الذي لا يحتاجون إليه، وكذلك له أن يهب ولده ثم يسترد الهبة، كما له أن يتملك من مال ولده ما لا يضر الولد ولا يحتاجه.
واشترطوا في تملك الوالد مال الولد شروطا:
الشرط الأول: ألا تتعلق حاجة الولد بذلك المال، فليس له مثلا أن يأخذ سيارته التي لا يستغني عنها، وليس له أن يخرجه من داره التي يسكن فيها، ويقول له مثلا: اسكن في خيمة، أو اسكن في الصحراء.
الشرط الثاني: ألا يأخذه من ولد ويعطيه آخر، فلا يأخذ من الكبير ويعطي الصغير؛ لأن عليه أن يعدل بين أولاده، فكونه يعطي هذا من مال هذا يعتبر جورا، ويدخل في حديث: لا أشهد على جورا .
الشرط الثالث: ألا يكون ولده في مرض الموت، فإذا كان في مرض الموت فقد تعلقت به حقوق الورثة، فلا يجوز له أن يأخذ من مال ولده المريض، كما لا يجوز له أن يأخذ وهو مريض، يعني: سواء كان المريض الولد أو الوالد، مرضا مخوفا.

line-bottom