لا بأس أن يكتب المسلم اسمه في طرة المصحف (جانبه) مخافة اشتباه مصحفه بغيره، فقد لا يناسبه إلا مصحفه المخصص له، ولا بأس أن يكتب بعض الفوائد على الهوامش كتفسير كلمة أو سبب نزول أو ما أشبه ذلك. logo    جاء الشرع الشريف مرغبا في حسن المعاملة مع الأفراد والجماعات ؛ فحث على اختيار الرفقاء الصالحين ونفر من قرناء السوء، ورغب في زيارة الإخوان والأنس بهم، وأخبر بأن المؤمن الذي يخالط الناس ويصبر على أذاهم أفضل من صاحب العزلة؛ فإن الأول ينفع الناس ويرشدهم، ويتحمل ما ناله في ذات الله من إساءة وضرر. إن الغذاء الطيب من مكسب حلال يكسب القلب قوة، ويكسبه صفاء وإخلاصا، ويكون سببا في قبول الأعمال وإجابة الدعوات. والغذاء الطيب يكون سببا في بركة الله ومباركته للأعمال والأعمار والأموال، وأثر ذلك واضح، فقد ثبت عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: (كل لحم نبت على سحت فالنار أولى به) قال النبي صلى الله عليه وسلم: "أد الأمانة إلى من ائتمنك، ولا تخن من خانك". فلو خانك إنسان فلا تجازه بالخيانة، بل اصفح وتجاوز عنه حتى يثيبك الله بالحسنى ويعفو عنك، ويعاقبه على خيانته إذا كان قد تعمدها، ولربما ندم إذا رآك تعامله بهذه المعاملة وهو قد خان! فيندم ويتخلق بأخلاقك؛ فيكون عملك هذا دعوة وسببا للتخلق بهذا الخلق العظيم. إذا ضعفت العقيدة في القلوب ضعف العمل، فإذا رأيت الذي يكون ضعيفا في عباداته، في صلواته وزكواته وما إلى ذلك، فاعلم أن ذلك لضعف في عقيدته بالأساس.فالعقيدة حقيقة إذا امتلأ بها القلب ظهرت آثارها على الجواربالوقوف قائما أو عدم الاستظلال أو بترك الكلام فهذا ليس فيه طاعة
shape
إبهاج المؤمنين بشرح منهج السالكين وتوضيح الفقه في الدين (الجزء الثاني)
290734 مشاهدة print word pdf
line-top
الوصية من الفقير الذي ليس عنده شيء

وينبغي لمن ليس عنده شيء يحصل فيه إغناء ورثته أن لا يوصي ؛ بل يدع التركة كلها لورثته، كما قال صلى الله عليه وسلم: إنك إن تذر ورثتك أغنياء خير من أن تذرهم عالة يتكففون الناس متفق عليه .
والخير مطلوب في جميع الأحوال.


قوله: (وينبغي لمن ليس عنده شيء يحصل فيه إغناء ورثته أن لا يوصي؛ بل يدع ... إلخ):
ينقسم الناس في الأموال إلى ثلاثة أقسام:
القسم الأول: قسم فقير وورثته فقراء، ففي هذه الحال الأولى له ألا يوصي؛ بل يترك ماله كله لورثته، فإذا لم يكن عنده إلا هذا البيت الذي يسكنه، أو هذه السيارة التي يركبها، فإنه إذا أوقف البيت أو السيارة ترك ورثته فقراء، فالأولى له في هذه الحال أن يترك ذلك لورثته ولا يتصدق به، لأن الصدقة به أو الوصية به تضر أولاده، وهم أحق بها، ودليل ذلك قوله صلى الله عليه وسلم: إنك إن تذر ورثتك أغنياء، خير من أن تذرهم عالة يتكففون الناس أي: يسألون الناس ويستجدونهم.
القسم الثاني: الذي لا وارث له، وماله كله سيجعل في بيت المال، ففي هذه الحال لو أوصى بماله كله أو جعل ماله كله وقفا جاز له ذلك؛ لأنه ما نهي عن ذلك إلا لأجل الورثة، وليس هناك وارث، أو عرف مثلا أن ورثته مستغنون وأن تركته هذه لا تزيدهم ولا تنفعهم؛ جاز له أن يوصي بماله، واستحب للورثة وتأكد في حقهم أن ينفذوا وصيته.
القسم الثالث: إذا كان من أوساط الناس، وورثته من أوساط الناس فإن له أن يوصي بالثلث وإن أنقصه إلى الربع فهو أولى، يقول ابن عباس وددت لو أن الناس غضوا من الثلث إلى الربع ؛ لأن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: الثلث والثلث كثير فيستحب بعضهم أن يوصي بالربع، وبعضهم بالخمس، وروي عن أبي بكر -رضي الله عنه- أنه أوصى بالخمس، وقال: رضيت لنفسي ما رضي الله تعالى لنفسه، بقوله: فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ وَلِلرَّسُولِ الأنفال 41 .
ويقول النبي -صلى الله عليه وسلم- إن الله تصدق عليكم بثلث أموالكم عند وفاتكم زيادة في أعمالكم بمعنى: أن الإنسان له التصرف بالثلث، وليس لورثته أن يمنعوه من الثلث أو أقل من الثلث، وإن زاد على ذلك ولم يكن عليهم ضرر فلا بأس.
والوصية بالثلث أو بالخمس أو نحوه، قالوا: إنها لمن ترك خيرا؛ لأن الله تعالى يقول: كُتِبَ عَلَيْكُمْ إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ إِنْ تَرَكَ خَيْرًا الْوَصِيَّةُ البقرة:180 وفسر الخير بأنه: المال الكثير.
قوله: (والخير مطلوب في جميع الأحوال):
فالوصي الذي يجعل له هذا الثلث عليه أن يعدل فيه وأن يحفظه وأن ينميه؛ لأن الوصية إذا كانت في شيء يبقى ويتنامى استمر أجر الموصي، وصار في منزلة الوقف ولم ينقطع، وصار صدقة جارية، وأما إذا انقطع انقطع أجره، فإذا كان له بستان، وقال: أوصي بهذه النخلات تكون فطورا للصوام، أو صدقة على الفقراء؛ فلا يجوز للوصي أن يهملها أو لا يسقيها؛ بل عليه أن يسقيها كما يسقي باقي النخل؛ لأنه أوصى بها وبما يحييها، وكذلك إذا قال: أوصي بهذا البيت أجرته صدقة في رمضان، فالوصي عليه أن يحفظه وأن يصلح ما وهى منه، وما أشبه ذلك، وأن يسعى كذلك في إيجاره وعرضه للإيجار وهكذا.

line-bottom