إبهاج المؤمنين بشرح منهج السالكين وتوضيح الفقه في الدين (الجزء الثاني)
الكتابة
والكتابة: أن يشتري الرقيق نفسه من سيده بثمن مؤجل بأجلين فأكثر، قال تعالى: رسم> فَكَاتِبُوهُمْ إِنْ عَلِمْتُمْ فِيهِمْ خَيْرًا قرآن> رسم> النور: 33 آية> يعني: صلاحًا في دينهم وكسبًا.
فإن خيف منه الفساد بعتقه أو كتابته رأس> أو ليس له كسب: فلا يشرع عتقه ولا كتابته.
ولا يعتق المكاتب إلا بالأداء رأس> ؛ لحديث: رسم> المكاتب عبد ما بقي عليه من كتابته درهم متن_ح> رسم> رواه أبو داود اسم> حديث> وعن ابن عباس مرفوعًا، وعن عمر موقوفًا: رسم> أيما أمة ولدت من سيدها فهي حرة بعد موته متن_ح> رسم> أخرجه ابن ماجه اسم> حديث> والراجح الموقوف على عمر رضي الله عنه. والله أعلم.
الكتابة:
قوله: (والكتابة: أن يشتري الرقيق نفسه من سيده بثمن مؤجل بأجلين فأكثر، قال تعالى... إلخ):
سميت بذلك لأنها تكتب الأقساط؛ سواء أكان كل سنة أم كل شهر، يشعر العبد من نفسه بأنه قادر على الكسب؛ فيقول: يا سيدي بعني نفسي، فيقول:
قيمتك حاضر عشرة آلاف أبيعك نفسك بعشرين ألفًا مؤجلة لمدة أربع سنين كل سنة تسلم خمسة آلاف، فيقول: قبلت، ثم يذهب يحترف؛ يكتسب ويشتغل ويتجر ويعمل، فإذا أدى إليه أقساطه الأربعة، عشرين الألف عتق.
إذا طلب منه هذا العبد الكتابة رأس> وعلم أنه قادر لزمه ذلك، لقوله تعالى:
رسم> وَالَّذِينَ يَبْتَغُونَ الْكِتَابَ مِمَّا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ فَكَاتِبُوهُمْ إِنْ عَلِمْتُمْ فِيهِمْ خَيْرًا قرآن> رسم> النور:33 آية> يعني: من مماليككم إذا طلبوا الكتابة فكاتبوهم إن علمتم فيهم خيرًا، إذا علمت مثلا أنه سيصير عضوًا عاملاً لا عضوًا أشلّ، إذا علمت بأنه سينفع نفسه وسينفع المسلمين إذا عتق وعلمت أنه قادر على الكسب ويقدر على الاحتراف ويقدر على الاتجار والاكتساب، وسيؤدي النجوم التي عليه في حينها، ففي هذه الحال يلزمك أن تكاتبه.
ثم قال تعالى: رسم> وَآتُوهُمْ مِنْ مَالِ اللَّهِ الَّذِي آتَاكُمْ قرآن> رسم> النور: 33 آية> الأمر إما أنه للعائل السيد أو أنه للمسلمين عمومًا، يعني أيها المسلمون ساعدوا هذا العبد الذي اشترى نفسه، أعطوه من مال الله الذي آتاكم حتى يحرر نفسه.
وإذا قيل: إنه للسيد، فقيل: إنه يلزمه أن يعتقه ويسقط عنه الثلث أو الربع، أو الخمس، على قدر عسره أو يسره.
وقوله تعالى: رسم> إِنْ عَلِمْتُمْ فِيهِمْ خَيْرًا قرآن> رسم> النور: 33 آية> يعني: صلاحًا وكسبًا وقدرة على الاتجار وقدرة على الاكتساب، فإن خيف منه فساد بعتقه فلا يشرع، إما لأنه يصير عالة على الناس، وإما لأنه يصير مع قطاع الطريق، وإما لأنه يصير مثلاً مع أهل الشرور وأهل الغناء وأهل اللهو، وما أشبه ذلك.
قوله: (ولا يعتق المكاتب إلا بالأداء؛ لحديث: رسم> المكاتب عبد متن_ح> رسم> إلخ):
يعني: إذا أدى آخر ما عليه عتق وصار حرًّا، لقوله صلى الله عليهه وسلم: رسم> المكاتب عبد ما بقي عليه من كتابته درهم متن_ح> رسم> وفي حديث عن أم سلمة: رسم> إذا كان لإحداكن مكاتب فملك ما يؤدي فلتحتجب عنه متن_ح> رسم> . يعني: أصبح ليس محرفًا لها، أصبحت ملزمة بأن تحتجب عنه.
صورة ذلك: إذا كان هذا العبد اشترى نفسه بعشرين ألف درهم من امرأة، ثم إنه اكتسب أموالا كثيرة كل سنة يؤدي إليها خمسة آلاف، يكتسب في السنة أكثر من عشرين ألفًا وقد اكتسب أرضًا وبني دارا وملأها أثاثا، وصار عنده متاع أصبح مالكًا لثمنه أو لأضعاف ثمنه؛ فإنها تحتجب عنه.
قوله: (وعن ابن عباس مرفوعا، وعن عمر موقوفًا: رسم> أيما أمة ولدت من سيدها فهي حرة بعد موته متن_ح> رسم> إلخ):
هذه أم الولد، وصورته: إذا كان لك أمة مملوكة ثم إنك وطئتها بملك اليمين، فحملت، فولدت ولدًا ذكراً أو أنثى، حيًّا أو ميتًا؛ إذا تبين فيه خلق الإنسان فإنها تصير حرة بعد الموت، ومادام حيًا فإنه يستخدمها ويطؤها ويستمتع بها فإذا مات عتقت من رأس المال، هذه أم الولد، وفيها خلاف، حتى إن بعضهم يقول:
يعتقها ولدها أو تعتق من نصيب ولدها، والراجح أنها تعتق من رأس المال.
مسألة>