قال النبي صلى الله عليه وسلم: "أد الأمانة إلى من ائتمنك، ولا تخن من خانك". فلو خانك إنسان فلا تجازه بالخيانة، بل اصفح وتجاوز عنه حتى يثيبك الله بالحسنى ويعفو عنك، ويعاقبه على خيانته إذا كان قد تعمدها، ولربما ندم إذا رآك تعامله بهذه المعاملة وهو قد خان! فيندم ويتخلق بأخلاقك؛ فيكون عملك هذا دعوة وسببا للتخلق بهذا الخلق العظيم. شريعة الإسلام شريعة واسعة كاملة، اشتملت على كل ما تمس إليه حاجة البشر، حاجة الذكور والإناث في الدنيا وفي الآخرة، فذكر الله تعالى نساء الدنيا وجعل لهن أحكاما، وذكر النساء في الآخرة وذكر ثوابهن كثواب الرجال المؤمنين، وفي هذا تمام العدل والحكمة إن الغذاء الطيب من مكسب حلال يكسب القلب قوة، ويكسبه صفاء وإخلاصا، ويكون سببا في قبول الأعمال وإجابة الدعوات. والغذاء الطيب يكون سببا في بركة الله ومباركته للأعمال والأعمار والأموال، وأثر ذلك واضح، فقد ثبت عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: (كل لحم نبت على سحت فالنار أولى به) إن المسلم الملتزم بدين الله ، والذي سار على صراط الله المستقيم ، سيجد دعاة الضلال والانحراف؛ وهم واقفون على جانبي الطريق، فإن أنصت لهم والتفت إليهم عاقوه عن السير، وفاته شيء كثير من الأعمال الصالحة. أما إذا لم يلتفت إليهم؛ بل وجه وجهته إلى الله فهنيئا له الوصول إلى صراط ربه المستقيم الذي لا اعوجاج فيه ولا انحراف    جاء الشرع الشريف مرغبا في حسن المعاملة مع الأفراد والجماعات ؛ فحث على اختيار الرفقاء الصالحين ونفر من قرناء السوء، ورغب في زيارة الإخوان والأنس بهم، وأخبر بأن المؤمن الذي يخالط الناس ويصبر على أذاهم أفضل من صاحب العزلة؛ فإن الأول ينفع الناس ويرشدهم، ويتحمل ما ناله في ذات الله من إساءة وضرر.
إبهاج المؤمنين بشرح منهج السالكين وتوضيح الفقه في الدين (الجزء الثاني)
235199 مشاهدة
حكم الجلالة

ونهى النبي -صلى الله عليه وسلم- عن الجلالة وألبانها حتى تحبس، وتطعم الطاهر ثلاثًا.


قوله: ونهى النبي -صلى الله عليه وسلم- عن الجلالة وألبانها، حتى تحبس، وتطعم الطاهر ثلاثا ):
الجلالة هي التي تأكل النجاسة وتتغذى بها. فكثيرًا ما نجد بعض الحيوانات من الإبل والبقر والغنم وغيرها إذا جاعت تتبع مواضع النجاسة وتغذى بها، فإذا كان أكثر غذائها من النجاسات فإنها تسمى جلالة، فينهى عن أكل لحومها وشرب ألبانها حتى تحبس وتطعم الطاهر.
واختلف في المدة التي إذا حبستها خرجت عن كونها جلالة، ففي هذا الحديث أنها تحبس ثلاثًا، ولكن قال بعضهم: هذا في الدجاج ونحوه يحبس ثلاثًا ويطعم طاهرًا، وأما الغنم ونحوها فتحبس أسبوعًا وتطعم طاهرًا.
وأما الإبل والبقر فورد في حديث أو أثر مذكور في سبل السلام أنها تحبس أربعين يومًا، وذلك لأنها كبيرة فلا بد أن تحبس مدة طويلة حتى يتغير ما في بطنها ويتغير لحمها ويطيب لبنها.