إن المؤمن بربه يرضى بالقضاء والقدر، ويعلم أن ما أصابه لم يكن ليخطئه، ويعلم أن في الابتلاء والامتحان خيرا كثيرا وأجرا كبيرا، وأن المصائب والنكبات يخفف الله بها من الخطايا، فيستحضر قول النبي صلى الله عليه وسلم: "ما أصاب العبد المسلم من نصب ولا وصب ولا هم ولا حزن ولا أذى ولا غم، حتى الشوكة يشاكها، إلا كفر الله بها من خطاياه" متفق عليه شريعة الإسلام شريعة واسعة كاملة، اشتملت على كل ما تمس إليه حاجة البشر، حاجة الذكور والإناث في الدنيا وفي الآخرة، فذكر الله تعالى نساء الدنيا وجعل لهن أحكاما، وذكر النساء في الآخرة وذكر ثوابهن كثواب الرجال المؤمنين، وفي هذا تمام العدل والحكمة الإسلام خير الأديان نظافة وآدابا، ولم يترك رسول الله صلى الله عليه وسلم لأتباعه أمرا إلا بينه لهم، حتى آداب قضاء الحاجة وما يتعلق بها من التباعد عن النجاسات ونحو ذلك إن الغذاء الطيب من مكسب حلال يكسب القلب قوة، ويكسبه صفاء وإخلاصا، ويكون سببا في قبول الأعمال وإجابة الدعوات. والغذاء الطيب يكون سببا في بركة الله ومباركته للأعمال والأعمار والأموال، وأثر ذلك واضح، فقد ثبت عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: (كل لحم نبت على سحت فالنار أولى به) تفكروا في آيات الله وكيف بسط الله عز وجل الأرض، وجعل فيها الجبال والوهاد والأودية، والمنخفضات والمرتفعات والرمال والأبطحة، والمعادن التي في جوفها والمياه، وما شابه ذلك.فلو أن الإنسان أخذ يتدبر في هذه المخلوقات وأخذ يكرر ذلك لحفظ وقته من الضياع، وازداد يقينا وقوي إيمانه، ولم تتطرق إلى عقله الشكوك والتخيلات الشيطانية.
إبهاج المؤمنين بشرح منهج السالكين وتوضيح الفقه في الدين (الجزء الثاني)
229284 مشاهدة
كتــاب الجنايــات وأقسامها

كتــاب: الجنايــات

كتـاب: الجنايـات
القتل بغير حق ينقسم إلى ثلاثة أقسام
أحدها: العمد العدوان، وهو: أن يقصده بجناية تقتل غالبًا، فهذا يُخيَّر الولي فيه بين القتل والدية، لقوله صلى الله عليه وسلم: من قُتِل له قتيل فهو بخير النظرين: إما أن يقتل، وإما أن يفدي متفق عليه .


كتاب: الجنايات
الجنايات: هي التعديات؛ التعدي على النفس، أو على المال، أو على
العرض؛ فهذا يسمى جناية. يقال: جنى فلان على فلان، يعني: تعدى عليه بقتل أو قطع عضو أو نحو ذلك.
قوله: (القتل بغير حق، ينقسم إلى ثلاثة أقسام):
القتل ينقسم إلى قسمين: قتل بحق، وقتل بغير حق.
* أما القتل بحق: كالقصاص أو نحو ذلك فله حكمه.
* والقتل بغير حق: ينقسم إلى ثلاثة أقسام:
القسم الأول: العمد.
والقسم الثاني: شبه العمد.
والقسم الثالث: الخطأ.
أقسام القتل بغير حق:
القسم الأول: العمد:
قوله: (أحدها: العمد العدوان، وهو... إلخ):
العمد أي: العدوان، وهو: أن يقتله بجناية تقتل غالبًا، مثل: أن يضرب

رأسه بحجر كبير أو يطعنه بسكين أو حديدة أو نحو ذلك، أو يلقيه في بئر أو من مكان مرتفع، أو يخنقه حتى يموت.
والحاصل: أنه تعمد قتله فيسمى هذا عمدًا عدوانًا، وحينئذ الولي له الخيار بين القصاص والدية، لهذا الحديث: من قُتِل له قتيل فهو بخير النظرين: إما أن يقتل، وإما أن يفدي ولقوله تعالى: كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِصَاصُ فِي الْقَتْلَى الْحُرُّ بِالْحُرِّ وَالْعَبْدُ بِالْعَبْدِ وَالْأُنْثَى بِالْأُنْثَى فَمَنْ عُفِيَ لَهُ مِنْ أَخِيهِ شَيْءٌ فَاتِّبَاعٌ بِالْمَعْرُوفِ البقرة: 178 إذا عفا وطلب الدية فعليه أن يتبعه المعروف وألا يماطل بالدية.
ودية القتل العمد فيها زيادة الخمس عن دية الخطأ وقد يصطلحون على أكثر من الدية، ويوجد الآن إنسان قاتل من خمس سنين ولا يزال مسجونًا، وقد بذل أهله سبعة ملايين فداء له، ولكن أهل القتيل لم يقبلوا بل يريدون قتله، فلهم ذلك لقوله تعالى: كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِصَاصُ فِي الْقَتْلَى الْحُرُّ بِالْحُرِّ وَالْعَبْدُ بِالْعَبْدِ وَالْأُنْثَى بِالْأُنْثَى إلخ ، وقوله تعالى: وَكَتَبْنَا عَلَيْهِمْ فِيهَا أَنَّ النَّفْسَ بِالنَّفْسِ وَالْعَيْنَ بِالْعَيْنِ وَالْأَنْفَ بِالْأَنْفِ وَالْأُذُنَ بِالْأُذُنِ وَالسِّنَّ بِالسِّنِّ وَالْجُرُوحَ قِصَاصٌ إلخ المائدة: 45 ويسمى بذل المال صلحًا، وذلك لأنه يشتري نفسه أو يشتريه أهله، كأنهم
يقولون: نفدي ولدنا بكل ما نملك، أو ننقذ حياته، فلهم أن يشتروه ولو بأضعاف أضعاف الدية، وهذا يسمى الصلح عن دم.
فالحاصل: أن في القتل العمد يستحق القاتل أن يقتل، فإن طلبوا الدية
وقالوا: لا حاجة لنا في قتله، فدية العمد أكثر من دية الخطأ ولهم الصلح على أكثر من الدية.