إن أهمية الوقت معلومة عند كل عاقل؛ ذلك أن وقت الإنسان هو رأسماله، وهو عمره أيامه ولياليه، فإذا ما ضاع رأس المال، ضاعت الأرباح، وإذا عرف الإنسان ذلك، حرص على أن يستغلها ويستفيد منها وألا يضيعها، ليكون بذلك رابحا logo تفكروا في آيات الله وكيف بسط الله عز وجل الأرض، وجعل فيها الجبال والوهاد والأودية، والمنخفضات والمرتفعات والرمال والأبطحة، والمعادن التي في جوفها والمياه، وما شابه ذلك.فلو أن الإنسان أخذ يتدبر في هذه المخلوقات وأخذ يكرر ذلك لحفظ وقته من الضياع، وازداد يقينا وقوي إيمانه، ولم تتطرق إلى عقله الشكوك والتخيلات الشيطانية. لم يوجد أحد من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم دخل في بدعة ولا خالف السنة ولا جماعة المسلمين،ولا خرج على أئمة الدين بل الصحابة كلهم عدول؛ وذلك لأنهم تلقوا الوحي من النبي مباشرة فوصل الإيمان إلى قلوبهم، فلم يكن إيمانهم عن تقليد بل عن فقه واتباع. إن الغذاء الطيب من مكسب حلال يكسب القلب قوة، ويكسبه صفاء وإخلاصا، ويكون سببا في قبول الأعمال وإجابة الدعوات. والغذاء الطيب يكون سببا في بركة الله ومباركته للأعمال والأعمار والأموال، وأثر ذلك واضح، فقد ثبت عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: (كل لحم نبت على سحت فالنار أولى به)    جاء الشرع الشريف مرغبا في حسن المعاملة مع الأفراد والجماعات ؛ فحث على اختيار الرفقاء الصالحين ونفر من قرناء السوء، ورغب في زيارة الإخوان والأنس بهم، وأخبر بأن المؤمن الذي يخالط الناس ويصبر على أذاهم أفضل من صاحب العزلة؛ فإن الأول ينفع الناس ويرشدهم، ويتحمل ما ناله في ذات الله من إساءة وضرر.
shape
كتاب الروض المربع الجزء الثالث
285668 مشاهدة print word pdf
line-top
بيع الكلب

إلا الكلب فلا يصح بيعه لقول ابن مسعود -رضي الله تعالى عنه- نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن ثمن الكلب متفق عليه .


الكلب أيضا يصاد به، وفيه منافع غير الصيد يحرس الماشية ويحرس أيضا الحرث ويحرس البيوت وما أشبهها، ففيه منفعة. ولكن استثني من جملة السباع التي تباع فلا يجوز بيعه ولو كان فيه هذه المنفعة وثمنه حرام. والدليل عليه هذا الحديث وأحاديث أخرى أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن ثمن الكلب والنهي للتحريم وكذلك قال -عليه السلام - ثمن الكلب خبيث، ومهر البغي خبيث، وحلوان الكاهن خبيث فقرن مهر البغي بثمن الكلب، مهر البغي، البغي: هي الزانية ومهرها ما يدفع لها على أن تمكن من نفسها بالزنى، وهو حرام؛ لأنه على عوض حرام.
والكاهن هو الذي يتكهن ويدعي علم الغيب وحلوانه هو المال الذي أعطاه على إخباره، وهو حرام أيضا؛ لأنه عمل محرم فأجرته محرمة، فكذلك ثمن الكلب.
ورد أيضا في حديث عن ابن عباس أنه قال: إذا جاءك يبتغي ثمنه فاملأ كفه ترابا؛ لأنه لا يستحق ثمنه لأنه حرام اقتناؤه، حرام إلا لحاجة وكذلك ثمنه، هذا هو قول الجمهور. وأجاز الحنفية بيعه وكأنهم نظروا إلى أنه مما ينتفع به، ولم يكن لهم دليل يحتجون به إلا حديث الاقتناء، فإن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن اقتناء الكلب إلا كلب صيد أو حرث أو ماشية عن الاقتناء، فرواه بعضهم وأخطأ فيه فقال: نهى عن ثمن الكلب إلا كلب صيد أو ماشية أو حرث، والصواب أن النهي عن الاقتناء والإذن في اقتناء هذه الأشياء، ما اقتني لصيد أو حرث أو ماشية..

line-bottom