تعبير الرؤيا يرجع فيه إلى معرفة أشياء تختص بالرائي وما يتصل به، وكذا معرفة القرائن والأحوال، ومعرفة معاني الكلمات وما يتصل بها لغة وشرعا وما يعبر به عنها، وهذه الأمور ونحوها يختص بها بعض الناس لانشغالهم بمعرفتها وما يدور حولها، فعلى هذا لا يجوز لكل أحد أن يعبر الرؤى، فقد يفهم فهما بعيدا، وقد يأخذ التعبير من اللفظ لا من المعنى فيخطئ في ذلك. إن غسل أعضاء الوضوء في اليوم خمس مرات دليل على أن الإسلام جاء بما ينشط البدن وينظفه، كما جاء بما يطهر الروح ويزكيها. فهو دين الطهارة الحسية والمعنوية. قال النبي صلى الله عليه وسلم: "أد الأمانة إلى من ائتمنك، ولا تخن من خانك". فلو خانك إنسان فلا تجازه بالخيانة، بل اصفح وتجاوز عنه حتى يثيبك الله بالحسنى ويعفو عنك، ويعاقبه على خيانته إذا كان قد تعمدها، ولربما ندم إذا رآك تعامله بهذه المعاملة وهو قد خان! فيندم ويتخلق بأخلاقك؛ فيكون عملك هذا دعوة وسببا للتخلق بهذا الخلق العظيم. لا بأس أن يكتب المسلم اسمه في طرة المصحف (جانبه) مخافة اشتباه مصحفه بغيره، فقد لا يناسبه إلا مصحفه المخصص له، ولا بأس أن يكتب بعض الفوائد على الهوامش كتفسير كلمة أو سبب نزول أو ما أشبه ذلك.       إن المؤمن بربه يرضى بالقضاء والقدر، ويعلم أن ما أصابه لم يكن ليخطئه، ويعلم أن في الابتلاء والامتحان خيرا كثيرا وأجرا كبيرا، وأن المصائب والنكبات يخفف الله بها من الخطايا، فيستحضر قول النبي صلى الله عليه وسلم: "ما أصاب العبد المسلم من نصب ولا وصب ولا هم ولا حزن ولا أذى ولا غم، حتى الشوكة يشاكها، إلا كفر الله بها من خطاياه" متفق عليه.
كتاب الروض المربع الجزء الثالث
175540 مشاهدة
علة الصرف في النقدين

بسم الله الرحمن الرحيم
قال الشارح -رحمه الله تعالى- فصل: ومتى افترق المتصارفان بأبدانهما كما تقدم في خيار المجلس قبل قبض الكل: أي كل العوض المعقود عليه في الجانبين، أو قبل قبض البعض منه بطل العقد فيما لم يقبض سواء كان الكل أو البعض؛ لأن القبض شرط لصحة العقد؛ لقوله -صلى الله عليه وسلم- وبيعوا الذهب والفضة كيف شئتم يدا بيد .


بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله، وصحبه. تقدم أن الصرف هو بيع نقد بنقد سواء كان من جنس؛ كذهب بذهب، وفضة بفضة؛ أو من جنسين؛ كذهب بفضة، أو فضة بذهب.
والعلة فيهما واحدة في الذهب والفضة قد تقدم أن بعض العلماء يقول: العلة فيهما الوزن، وبعضهم يقول: العلة الثمنية. فالذين قالوا: العلة فيهما الوزن، قالوا: يلحق بهما كل موزون؛ فلا يباع بعضه ببعض إلا متماثلا، ولا يباع موزون بموزون ولو كان من جنسين إلا يدا بيد.
فلا يباع حديد بنحاس إلا يدا بيد، نحاس بنحاس مثلا بمثل يدا بيد، أو صوف بشعر، أو بقطن يدا بيد، صوف بصوف مثلا بمثل يدا بيد، أو قطنا بقطن مثلا بمثل يدا بيد؛ هذا على القول بأن العلة فيهما كونهما موزوني الجنس.
فيقال كذلك فضة بفضة مثلا بمثل يدا بيد، ذهب بذهب مثلا بمثل يدا بيد؛ العلة فيهما الثمنية أو الوزن. إذا قيل: العلة فيهما الثمنية ألحق بهما كل ما هو من الأسماء ما يجعل ثمنا للسلع، سواء مضروبا؛ كالحلل التي تصنع من النحاس، أو غير مضروب كالأوراق النقدية في هذه الأزمنة.
وإذا قيل: إن الأوراق لا توزن فعلى القول بأن العلة الوزن لا تكون الأوراق بعضها ببعض ربوية. ولكن إذا قيل العلة الثمنية فمن المعلوم أن الأوراق تجعل أثمانا. فثمن الكيس عدد كذا أوراقا. أوراق نقدية.
وثمن الكرسي أوراق نقدية، وثمن الثوب أوراق نقدية، وثمن العباءة، وثمن الشاة، وثمن السيارة أصبحت هي الأثمان سواء كانت بالريالات السعودية، أو القطرية، أو اليمنية، أو الدولارات الأمريكية، أو الدنانير الدينارات العراقية، أو الكويتية، أو البحرينية، أو الدراهم الدرهم الإماراتي، ونحوه، أو الجنيه المصري، أو السوداني مع اختلافهما، أو الليرة التركية، أو اللبنانية، أو السورية، أو غيرها من العملات. فإنها كلها تجعل أثمانا في بلادهم.
فإنه إذا اشترى منك أحد مثلا ثوبا في مصر لا يسلم لك إلا أوراقا مكتوب عليها جنيه مصري. وكذلك مثلا إذا اشترى منك كيسا مثلا في العراق لا يسلم لك إلا دينارا عراقيا.
فعلى هذا فالأصل والراجح أن العلة فيها الثمنية فيصح التفاوت فيها إذا اختلف الجنس. إذا اختلفت الأجناس فمثلا ريال سعودي، وريال يمني الاسم واحد، ومع ذلك القيمة تتفاوت؛ فيصح صرف هذا بهذا، ولكن لا بد من التقابض في المجلس، ومع وجود التباين، والتفاوت في القدر؛ يعني أن الريال السعودي يساوي عشرين، أو ثلاثين ريالا يمنيا.
وكما أن الريال القطري أثمن من الريال السعودي، وكذلك الدينار الكويتي أرفع قدرا من الدينار العراقي بأضعاف مضاعفة. ولو اتفق الاسم ما دام أن العوض الذي يدفع فيه يتفاوت؛ والرغبة فيه تتفاوت؛ فلذلك يصح التفاوت فيما إذا اختلفا، ولو اتفق الاسم. اختلف المصدر ولكن مع ذلك كله لا بد من التقابض.