إذا كان عقل المريض معه وفهمه وإدراكه فإن الأوامر والأحكام الشرعية تنطبق عليه، ويكلف بالصلاة والصوم والطهارة ونحوها بحسب القدرة، ويجوز مساعدته على الطهارة إن قدر على غسل أعضائه، فإن عجز عن استعمال الماء في أعضائه وشق غسلها عليه عدل إلى التيمم، فإن عجز فإن المرافق يقوم بذلك بأن يضرب التراب فيمسح وجهه وكفيه مع النية. إذا عرف الصغير ربه، وعظم قدر ربه في قلبه، نشأ على طاعة الله تعالى، ونشأ على محبته، وأحب عبادة الله وعظمها في صغره، وسهلت عليه وداوم عليها في كبره، وكره المعصية ونفر منها، وكره كل ما نهى الله تعالى عنه؛ حيث أن آباءه يعلمونه الخير ويؤدبونه عليه لم يوجد أحد من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم دخل في بدعة ولا خالف السنة ولا جماعة المسلمين،ولا خرج على أئمة الدين بل الصحابة كلهم عدول؛ وذلك لأنهم تلقوا الوحي من النبي مباشرة فوصل الإيمان إلى قلوبهم، فلم يكن إيمانهم عن تقليد بل عن فقه واتباع. إن المسلم الملتزم بدين الله ، والذي سار على صراط الله المستقيم ، سيجد دعاة الضلال والانحراف؛ وهم واقفون على جانبي الطريق، فإن أنصت لهم والتفت إليهم عاقوه عن السير، وفاته شيء كثير من الأعمال الصالحة. أما إذا لم يلتفت إليهم؛ بل وجه وجهته إلى الله فهنيئا له الوصول إلى صراط ربه المستقيم الذي لا اعوجاج فيه ولا انحراف       إن المؤمن بربه يرضى بالقضاء والقدر، ويعلم أن ما أصابه لم يكن ليخطئه، ويعلم أن في الابتلاء والامتحان خيرا كثيرا وأجرا كبيرا، وأن المصائب والنكبات يخفف الله بها من الخطايا، فيستحضر قول النبي صلى الله عليه وسلم: "ما أصاب العبد المسلم من نصب ولا وصب ولا هم ولا حزن ولا أذى ولا غم، حتى الشوكة يشاكها، إلا كفر الله بها من خطاياه" متفق عليه.
كتاب الروض المربع الجزء الثالث
198417 مشاهدة
صور المبادلة في البيع

أو منفعة مباحة مطلقا كممر في دار أو غيرها بمثل أحدهما متعلق بمبادلة؛ أي بمال أو منفعة مباحة فتناول تسع صور: عين بعين أو دين أو منفعة، دين بعين أو دين بشرط الحلول والتقابض قبل التفرق، أو بمنفعة منفعة بعين أو دين أو منفعة.


قوله: مبادلة مال ولو في الذمة أو منفعة مباحة مطلقا، قوله: مباحة مطلقا يخرج المنفعة التي لا تباح إلا للضرورة أو لا تباح إلا بقدر الحاجة، مثل حراسة الكلب فإنها خاصة بقدر الحاجة كحراسة حرث أو مال أو نحو ذلك، منفعة كلب لا تباع ولا تسمى منفعة يعني مباحة؛ لأنها محددة ومقدرة بقدر الحاجة بخلاف منفعة الممر في الدار يقال مثلا: بعتك منفعة مرورك في هذه الأرض بمائة أو بألف تمر معها ما دمت محتاجا فهذه منفعة مباحة.
وقوله: بمثل أحدهما متعلق بمبادلة أي مبادلة مال بمال أو مبادلة منفعة بمنفعة أو مبادلة مال بمنفعة أو مبادلة منفعة بمال، ولكنه ذكر أنها تسع صور وذلك لأنه قسمها إلى ثلاثة: العين هي المعينة، والدين هو الذي يكون في الذمة، والمنفعة هي الانتفاع بما هو مباح؛ هذه ثلاثة العين والدين والمنفعة تضرب في ثلاثة فتصير تسعة؛ فَصَّلها بقوله: عين بعين أو ديْن أو منفعة، منفعة بعين أو دين أو منفعة، دين بدين بشرط الحلول والتقابض أو عين أو منفعة, هذه تسعة.
ونذكر لها أمثلة: فعين بعين مثلا هذه الشاة بهذا الثوب, عين بعين هذا معين وهذا معين. عين بدين: هذه الشاة بمائة في الذمة, عين بدين, المائة غائبة في الذمة. عين بمنفعة: هذه الشاة بهذا الطريق الذي تمر معه. فأصبح في العين ثلاثة: عين بعين، عين بدين، عين بمنفعة. ثانيا: الدَّين: دين بعين: شاة في الذمة بهذه المائة, هذه المائة عين, والشاة غائبة. يعني دين - شاة غائبة- بعين. دين بدين: شاة غائبة بمائة غائبة هل يصح؟ لا يصح بيع الدين بدين, ولكن إذا قال مثلا: شاتك الفلانية التي مع غنمك تأتي في الليل بمائة في ذمتي, فهذه دين بدين، فإن أحضر المائة قبل أن يتفرقا فإن البيع صحيح؛ لأنها دين بعين, وإن تفرقا قبل أن يحضر أحدهما لم يصح؛ لأنه بيع دين بدين, وهو لا يجوز.
عرفنا مثلا أنه إذا كانت الشاة غائبة والمائة غائبة فهذا دين بدين, فإن حضرت أحدهما قبل أن يتفرقا صح, حضرت الشاة قبل أن يتفرقا, أو حضرت الدراهم قبل أن يتفرقا صح, أما إذا تفرقا قبل أن يحضر أحدهما فلا يصح, هذا دين بدين.
الثالث دين بمنفعة: هذا الممر في هذه الأرض بمائة غائبة، دين بمنفعة. هذه ثلاثة تتعلق بالدين: دين بعين، دين بدين، دين بمنفعة. السابع: منفعة بعين: الطريق هذا بهذه الشاة, منفعة بعين. منفعة بدين: الطريق هذا بمائة في الذمة, منفعة بدين. منفعة بمنفعة: الطريق هذا بالطريق هذا, دعني أمر مع أرضك وتمر مع أرضي, هذه بهذه, منفعة بمنفعة, ممر دار بممر دار. أصبحت تسعة: عين بعين، عين بدين، عين بمنفعة، دين بعين، دين بدين, دين بمنفعة، منفعة بعين، منفعة بدين، منفعة بمنفعة, كلها جائزة إلا دين بدين فإنه لا بد أن يحضر أحد العوضين. نعم.