جاء الشرع الشريف مرغبا في حسن المعاملة مع الأفراد والجماعات ؛ فحث على اختيار الرفقاء الصالحين ونفر من قرناء السوء، ورغب في زيارة الإخوان والأنس بهم، وأخبر بأن المؤمن الذي يخالط الناس ويصبر على أذاهم أفضل من صاحب العزلة؛ فإن الأول ينفع الناس ويرشدهم، ويتحمل ما ناله في ذات الله من إساءة وضرر. اشترط كثير من العلماء أن يكون التيمم بتراب له غبار يعلق باليد، ومنعوا التيمم بالرمل ونحوه مما لا غبار له، وألزموا المسافر أن يحمل معه التراب إذا سافر في أرض رملية، ولعل الصحيح جواز التيمم بالرمل؛ لعموم قوله صلى الله عليه وسلم: "جعلت لي الأرض مسجدا وطهورا" متفق عليه. (يجب) على الوالد التسوية بين أولاده في العطية والتمليك المالي، (ويستحب) له التسوية في المحبة والرعاية، لكن إذا كان فيهم من هو معاق أو مريض أو صغير ونحوه فالعادة أن يكون أولى بالشفقة والرحمة والرقة. وقد سئل بعض العرب: من أحب أولادك إليك؟ فقال: الصغير حتى يكبر، والمريض حتى يبرأ، والغائب حتى يقدم. شرع الله تطهير هذه الأعضاء وغسلها وتنظيفها عند القيام إلى الصلاة أو عند وجود حدث؛ حتى يصير المصلي نظيف البدن، وحتى يحصل له النشاط والقوة، وحتى يقبل على الصلاة بصدق ومحبة ورغبة الدين الذي في ذمة من هو قادر على الوفاء يزكى؛ لأنه بمنزلة الأمانة عنده، ويقدر صاحبه أن يأخذه ويتحصل عليه متى طلبه، وأما الدين الذي عند معسر أو مماطل ولو كان غنيا، فإن صاحبه لا يقدر على الحصول عليه، ولو طالبه قد يدعي الإعسار والفقر، فمثل هذا المال كالمعدوم، فلا زكاة عليه إلا إذا قبضه
كتاب الروض المربع الجزء الثالث
176937 مشاهدة
عدم جواز بيع الكلب مع إباحة الانتفاع به

والشرط الثالث: أن تكون العين المعقود عليها أو على منفعتها مباحة النفع من غير حاجة بخلاف الكلب؛ لأنه إنما يقتنى لصيد أو حرث أو ماشية.


يقول: لا بد أن تكون العين المباعة مباحة المنفعة، المنفعة التي فيها مباحة بكل حال فأما التي لا فائدة فيها ولا منفعة فلا يشتريها إلا سفيه.
والعادة أن الأشياء التي لا منفعة فيها لا يتبادل فيها الثمن وليس لها قيمة في حديث أن النبي -صلى الله عليه وسلم- كان يمشي مع أصحابه في أطراف المدينة فمروا بجدي أسك ميت فقال: أيكم يحب أن يكون هذا له بدرهم؟ قالوا: ما نحب أن يكون لنا بشيء جدي يعني تيس صغير أسك يعني مكسر القرون ميت قد مات وقد يبس عظمه ولحمه وجلده، هل أحد يشتري هذا؟ لا منفعة فيه الناس إنما يشترون ما فيه لهم منفعة، يمكن أن يقال الشيء الذي فيه منفعة يجوز بيعه ومبادلة الثمن فيه؛ فقد يكون التراب فيه منفعة يعني يشتري التراب يخلط به طينا مثلا أو يفرشه في أرض هو بحاجة إليها يكون هذا جائزا، قد تكون الحجارة أيضا فيها منفعة يبني بها حائطا، أو يقف عليها أو ما أشبه ذلك لكن الشيء الذي لا مصلحة فيه ولا منفعة فيه أصلا بيعه وشراؤه سفه سفاهة، أما إذا كان العين فيها منفعة فإنها تتبادل المنفعة فيها بشرط أن تكون المنفعة مباحة مطلقا إباحتها مطلقا بدون حاجة.
أما إذا كانت لا تباح إلا للمحتاج فإنها أيضا لا تباع فمثلوا بالكلب لا يجوز بيعه؛ لأنه لا ينتفع به ولكن المنفعة التي فيه إنما تباح عند الحاجة المحتاج إلى أن يقتنيه للصيد، أو يحتاج لأن يقتنيه لحماية حرث، أو لحماية ماشية؛ فمثل هذا يجوز اقتناؤه، ولكن لا يجوز بيعه؛ لأنه إنما يباح للحاجة، إنما يباح بقدر الحاجة. فالحاصل أن العين لا بد أن يكون فيها منفعة، أما إذا لم يكن فيها منفعة، أو كان فيها مضرة فلا يجوز لا يجوز بيعها إذا كان ما فيها إلا مضرة قد تكون تلك المضرة منفعة عند آخرين مثلا آلات اللهو آلات الغناء كالربابة مثلا والطبول والعود الذي يغنون به هذه قد يكون فيها منفعة، ولكن هل منفعتها مباحة؟ منفعتها محرمة، والشارح يقول: لا بد أن تكون منفعة مباحة من غير حاجة.