الإسلام خير الأديان نظافة وآدابا، ولم يترك رسول الله صلى الله عليه وسلم لأتباعه أمرا إلا بينه لهم، حتى آداب قضاء الحاجة وما يتعلق بها من التباعد عن النجاسات ونحو ذلك       إن المؤمن بربه يرضى بالقضاء والقدر، ويعلم أن ما أصابه لم يكن ليخطئه، ويعلم أن في الابتلاء والامتحان خيرا كثيرا وأجرا كبيرا، وأن المصائب والنكبات يخفف الله بها من الخطايا، فيستحضر قول النبي صلى الله عليه وسلم: "ما أصاب العبد المسلم من نصب ولا وصب ولا هم ولا حزن ولا أذى ولا غم، حتى الشوكة يشاكها، إلا كفر الله بها من خطاياه" متفق عليه. لا بأس أن يكتب المسلم اسمه في طرة المصحف (جانبه) مخافة اشتباه مصحفه بغيره، فقد لا يناسبه إلا مصحفه المخصص له، ولا بأس أن يكتب بعض الفوائد على الهوامش كتفسير كلمة أو سبب نزول أو ما أشبه ذلك. القلوب أوعية؛ منها ما يستوعب الخير، ومنها ما يستوعب الشر. وأفضل القلوب هي التي تمتلئ بالخير،تمتلئ بالعلم وتمتلئ بالدين والعبادة، تمتلئ بالعلم النافع والعقيدة السليمة، هذه هي القلوب الواعية، وهي أرجى القلوب لتحصيل الخير قال النبي صلى الله عليه وسلم: "أد الأمانة إلى من ائتمنك، ولا تخن من خانك". فلو خانك إنسان فلا تجازه بالخيانة، بل اصفح وتجاوز عنه حتى يثيبك الله بالحسنى ويعفو عنك، ويعاقبه على خيانته إذا كان قد تعمدها، ولربما ندم إذا رآك تعامله بهذه المعاملة وهو قد خان! فيندم ويتخلق بأخلاقك؛ فيكون عملك هذا دعوة وسببا للتخلق بهذا الخلق العظيم.
كتاب الروض المربع الجزء الثالث
198436 مشاهدة
بيع الباقلاء في قشره والحب في سنبله

ويصح بيع الباقلاء ونحوه: كالحمص، والجوز، واللوز في قشره، يعني: ولو تعدد قشره؛ لأنه مفرد مضاف فيعم، وعبارة الأصحاب في قشريه؛ لأنه مستور بحائل من أصل خلقته أشبه الرمان، ويصح بيع الحب المشتد في سنبله؛ لأنه عليه -الصلاة والسلام- جعل الاشتداد غاية للمنع، وما بعد الغاية يخالف ما قبلها فوجب زوال المنع.


الباقلاء يكون عليه هذا القشر، والباقلاء هو أنواع البقول مثل الفول وما أشبهه، وقد يكون فيه قشر متعدد، ومثله أيضا الحِمَّص يكون عليه أيضا قشر. وكل شيء له قشر يغطي المقصود منه، فإنه يجوز بيعه في قشره أو في قشريه إذا كان عليه قشران؛ وذلك لأن المقصود معروف، ولو كان هذا القشر يغطي الحمص ونحوه والباقلاء لكنه معروف وظاهر ويعرف وزنه ويعرف ثقله. فالذي عليه قشران. يعني: مثل المغلف، ما يسمى بالسيسبان؛ عليه قشران. والذي في قشر؛ عليه قشر واحد مثل الحمص.
فعلى كل حال يجوز بيعه حتى لا يفسد ولا يشق ولا يكلف تقشيره، وكذلك بيع الحب إذا اشتد في سنبله، فإنه -صلى الله عليه وسلم- نهى عن بيع الحب حتى يشتد يعني: يشتد الحب ويصح وما يسمى حبا، لأنه قبل ذلك يكون لينا بحيث إنه لا يكون له جرم فإذا اشتد جاز بيعه، ولو قبل تغشيته من السنبل، فالنبي -عليه السلام- جعل اشتداده غاية وما بعد الغاية يخالف ما قبلها، فهو دليل على أنه يجوز بيعه في سنبله ولو لم يصفَّ، فالحاصل أن بيع الحب المشتد سواء كان من الحنطة أو من غيرها من الحبوب يجوز، فالغرر قليل فيه. العلة هي قلة الغرر، والله أعلم.