إذا ضعفت العقيدة في القلوب ضعف العمل، فإذا رأيت الذي يكون ضعيفا في عباداته، في صلواته وزكواته وما إلى ذلك، فاعلم أن ذلك لضعف في عقيدته بالأساس.فالعقيدة حقيقة إذا امتلأ بها القلب ظهرت آثارها على الجواربالوقوف قائما أو عدم الاستظلال أو بترك الكلام فهذا ليس فيه طاعة logo لا بأس أن يكتب المسلم اسمه في طرة المصحف (جانبه) مخافة اشتباه مصحفه بغيره، فقد لا يناسبه إلا مصحفه المخصص له، ولا بأس أن يكتب بعض الفوائد على الهوامش كتفسير كلمة أو سبب نزول أو ما أشبه ذلك. لم يوجد أحد من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم دخل في بدعة ولا خالف السنة ولا جماعة المسلمين،ولا خرج على أئمة الدين بل الصحابة كلهم عدول؛ وذلك لأنهم تلقوا الوحي من النبي مباشرة فوصل الإيمان إلى قلوبهم، فلم يكن إيمانهم عن تقليد بل عن فقه واتباع. إن المؤمن بربه يرضى بالقضاء والقدر، ويعلم أن ما أصابه لم يكن ليخطئه، ويعلم أن في الابتلاء والامتحان خيرا كثيرا وأجرا كبيرا، وأن المصائب والنكبات يخفف الله بها من الخطايا، فيستحضر قول النبي صلى الله عليه وسلم: "ما أصاب العبد المسلم من نصب ولا وصب ولا هم ولا حزن ولا أذى ولا غم، حتى الشوكة يشاكها، إلا كفر الله بها من خطاياه" متفق عليه اللسان أمانة،استودعه الله عندنا وأمرنا بأن نستعمله في الذكر وفي العلم وفي التعليم وفي النصيحة وما أشبه ذلك، ولا نستعمله في غيبة ونميمة ولا في هجاء ولا في عيب وقذف وهمز ولمز وما أشبه ذلك. وهكذا بقية الجوارح أمانات داخلة في قول الله تعالى: (والذين هم لأماناتهم وعهدهم راعون) .
shape
كتاب الروض المربع الجزء الثالث
285419 مشاهدة print word pdf
line-top
بيع الملامسة والمنابذة

ولا يصح بيع الملامسة بأن يقول: بعتك ثوبي هذا على أنك متى لمسته فهو عليك بكذا، أو يقول: أي ثوب لمسته فهو لك بكذا، ولا بيع المنابذة كأن يقول: أي ثوب نبذته إلي أي طرحته فعليك بكذا؛ لقول أبي هريرة -رضي الله تعالى عنه- إن النبي -صلى الله عليه وسلم- نهى عن الملامسة والمنابذة متفق عليه.


هذان بيعان في الجاهلية، كان أهل الجاهلية يتعاملون بمعاملات مشتملة على غرر وعلى جهالة، ولكنهم لجهلهم يعملون بالجهالة، فكانوا يتعاملون بهذا النوع من المبايعة الملامسة والمنابذة، ويسمونها بهذا، هذا هو اسمها عندهم ملامسة منابذة، الملامسة مشتقة من اللمس، والمنابذة مشتقة من النبذ الذي هو الطرح، فاختلف في تفسير الملامسة فمنهم من يقول: إنه إذا قال: أي ثوب لمسته فهو لك بعشرة، بمجرد ما تلمسه بيدك يتفقان على ذلك يرضى اللامس ويرضى البائع، أو يقول البائع: أي ثوب ألمسه فعليك أن تأخذه بعشرة. قد يقع اللمس على ثوب رخيص فيغبن المشتري، أو على ثوب غال فيغبن البائع إذا باعه رخيصا هذه صفة.
وقد يقول مثلا في غير الثياب مثلا: أي كيس وضعت يدك عليه أو لمسته فهو لك بمائة مثلا أو بمائتين، فتقع يده على ما لا يساوي ذلك أو على ما يساوي أضعافه فيقع الغبن، فلا بد أن يكون فيه غبن إما لهذا وإما لهذا.
ولا شك أن مجرد اللمس يعتبر غررا، فقد يلمس رخيصا وقد يلمس غاليا، سواء كان من الثياب مثلا أو من الحذاء أو من الفرش أو من الغنم مثلا أي كبش لمسته أو أدركته فهو لك بكذا. والكباش قد تختلف؛ فلا بد أن يكون معينا البيع لا بد أن يقول: بعتك هذا الثوب أو هذا الكبش مثلا أو هذا الكيس أو هذا النعل، بخلاف ما إذا قال: أي ثوب تلمسه فهو لك بكذا.
وكذلك المنابذة مشتقة كما قلنا من النبذ وهو الطرح يقول الله تعالى: نَبَذَ فَرِيقٌ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ كِتَابَ اللَّهِ يعني طرحوه نبذوا الكتاب وراءهم واستبدلوا، نبذوا كتاب الله خلف ظهورهم، فالنبذ هو الرمي بالشيء، نبذه يعني رمى به، فالمنابذة مشتقة من النبذ الذي هو رمي الشيء وطرحه، لكنه هنا كأنه يقول: أي ثوب أنبذه إليك فإنك تأخذه بعشرة مثلا، أو أي كتاب آخذه وأطرحه إليك كأن يغمض عينيه ويأخذ ثم ينبذ فقد يأخذ ما هو رخيص وقد يأخذ ما هو غال.
وكذلك كل شيء ينبذ الغالب أن النبذ إنما يكون في الشيء الذي يحمل الذي خفيف تحمله الأيدي الثوب مثلا قطعة قماش أو عمامة أو حذاء أو كتاب أو سكين أو سيف أو شيء مما يحمل كإناء أو نحو ذلك معلوم أنها تختلف اختلافا ظاهرا بالغلاء والرخص، فإذا قال: أي ثوب أنبذه إليك فهو لك بعشرة فالغالب أنه يقع غبن في أحدهما. هذه هي المنابذة نعم.
.... لا بد أنه يعين يقول: أعطني هذا الثوب، أو لا أبيعك هذا الثوب إلا بكذا وكذا.
.... إذا كانت معينة يجوز. نعم.

line-bottom