من كان مسافرا ولم يصل المغرب والعشاء فأدرك العشاء خلف إمام مقيم فالمختار أنه يصلي المغرب وحده، فإذا صلاها دخل معه في بقية العشاء، وذلك لاختلاف النية؛ فإن المغرب والعشاء متفاوتان بينهما فرق في عدد الركعات. هذا الذي نختاره. وأجاز بعض المشائخ أنه يدخل معهم بنية المغرب، فإذا صلوا ثلاثا فارقهم وتشهد لنفسه وسلم، ثم صلى العشاء، ولكل اجتهاده إذا كان عقل المريض معه وفهمه وإدراكه فإن الأوامر والأحكام الشرعية تنطبق عليه، ويكلف بالصلاة والصوم والطهارة ونحوها بحسب القدرة، ويجوز مساعدته على الطهارة إن قدر على غسل أعضائه، فإن عجز عن استعمال الماء في أعضائه وشق غسلها عليه عدل إلى التيمم، فإن عجز فإن المرافق يقوم بذلك بأن يضرب التراب فيمسح وجهه وكفيه مع النية. الدين الذي في ذمة من هو قادر على الوفاء يزكى؛ لأنه بمنزلة الأمانة عنده، ويقدر صاحبه أن يأخذه ويتحصل عليه متى طلبه، وأما الدين الذي عند معسر أو مماطل ولو كان غنيا، فإن صاحبه لا يقدر على الحصول عليه، ولو طالبه قد يدعي الإعسار والفقر، فمثل هذا المال كالمعدوم، فلا زكاة عليه إلا إذا قبضه إن الغذاء الطيب من مكسب حلال يكسب القلب قوة، ويكسبه صفاء وإخلاصا، ويكون سببا في قبول الأعمال وإجابة الدعوات. والغذاء الطيب يكون سببا في بركة الله ومباركته للأعمال والأعمار والأموال، وأثر ذلك واضح، فقد ثبت عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: (كل لحم نبت على سحت فالنار أولى به) يجوز أن يعلم القبر بعلامات يعرف بها، فقد ثبت أنه صلى الله عليه و سلم لما دفن عثمان بن مظعون جعل عند قبره حجرا وقال: "أعرف به قبر أخي، وأدفن إليه من مات من أهلي". فيجوز أن يجعل علامة كحجر أو لبنة أو خشبة أو حديدة أو نحو ذلك، ليميز بها القبر عن غيره حتى يزوره ويعرفه.أما أن يكتب عليه فلا يجوز؛ لأنه قد نهي أن يكتب على القبور حتى ولو اسمه، وكذلك نهي أن يرفع رفعا زائدا عن غيره.
كتاب الروض المربع الجزء الثالث
198402 مشاهدة
بيع المسك في فأرته والنوى في تمره

ولا يباع مسك في فأرته -أي الوعاء الذي يكون فيه- للجهالة، ولا نوى في تمره للجهالة.


المسك هو طِيب طَيب الرائحة ينبت في نوع من الظباء في سرته نوع من الظباء يخرج في سرته ورم ثم لا يزال يزيد ويكبر إلى أن يكبر في سرته ويتدلى كجلدة الخصية الكبيرة خصية الكبش ونحوها، ثم بعدما يكبر وينتهي يأتي إليه الصيادون ويطردونه مثلا قديما يطردونه على الخيل ومع اضطرابه ومع شدة سعيه تنفصل هذه العلبة هذه -كأنها علبة- وتسقط، فإذا سقطت أخذوها وهي في هذه الجراب يسمى فأرة الفأرة يعني الجراب وهو وعاؤه الذي عليه، فإذا شقوا هذا الوعاء وجدوه مسكا أزهر، مسكا طيبا، وطيبا من أحسن الأطياب.
فيقول الفقهاء: إن بيعه وهو في داخل غلافه ووعائه فيه شيء من الجهالة، فربما يكون فاسدا، وربما يكون صالحا والبائع يحسبه رخيصا، أو يحسبه فاسدا، فإذا باعه وهو بعدما يشقه وبعدما يطلع عليه المشتري ويعرف صلاحيته ورائحته وطيب عطره فعند ذلك يكون مُقدِما أو مُحْجِما.
فالحاصل أنهم قالوا أنه لا يباع وهو في داخل علبته حتى تفتح، ولكن هناك قول أنه يصح؛ وذلك لأنهم عادة يعرفونه بالوعاء، فإذا رأوا هذا الوعاء الذي هو ظرفه الذي هو فيه وشموه مثلا أو لمسوه عرفوا أنه طيب وصالح أو رديء أو متوسط نعم.
ولا نوى في تمر وصوف على ظهر، النوى هو حب التمر الذي في وسطه، يباع ويطبخ علفا للبقر والإبل بعد أن يرضح ويكسر ويطبخ فيكون علفا من أحسن الأعلاف. هذا النوى ما دام في التمر فإنه مجهول إذا قال مثلا: بعتك نوى هذا التمر، التمر الذي في كيس ما يدرى كم نواه هل يكون صاعا أو صاعين أو نصف صاع لا يدرى؛ فلا يباع النوى في داخل التمر حتى يفصل أما بيع التمر ولو كان فيه النوى فلا بأس؛ لأنه ضروري أنه سوف يشتري التمر وليس من العادة أنهم يخرجون النوى من التمر ويباع النوى وحده والتمر وحده نعم.