قال النبي صلى الله عليه وسلم: "أد الأمانة إلى من ائتمنك، ولا تخن من خانك". فلو خانك إنسان فلا تجازه بالخيانة، بل اصفح وتجاوز عنه حتى يثيبك الله بالحسنى ويعفو عنك، ويعاقبه على خيانته إذا كان قد تعمدها، ولربما ندم إذا رآك تعامله بهذه المعاملة وهو قد خان! فيندم ويتخلق بأخلاقك؛ فيكون عملك هذا دعوة وسببا للتخلق بهذا الخلق العظيم. إذا عرف الصغير ربه، وعظم قدر ربه في قلبه، نشأ على طاعة الله تعالى، ونشأ على محبته، وأحب عبادة الله وعظمها في صغره، وسهلت عليه وداوم عليها في كبره، وكره المعصية ونفر منها، وكره كل ما نهى الله تعالى عنه؛ حيث أن آباءه يعلمونه الخير ويؤدبونه عليه إن غسل أعضاء الوضوء في اليوم خمس مرات دليل على أن الإسلام جاء بما ينشط البدن وينظفه، كما جاء بما يطهر الروح ويزكيها. فهو دين الطهارة الحسية والمعنوية. اللسان أمانة،استودعه الله عندنا وأمرنا بأن نستعمله في الذكر وفي العلم وفي التعليم وفي النصيحة وما أشبه ذلك، ولا نستعمله في غيبة ونميمة ولا في هجاء ولا في عيب وقذف وهمز ولمز وما أشبه ذلك. وهكذا بقية الجوارح أمانات داخلة في قول الله تعالى: (والذين هم لأماناتهم وعهدهم راعون) . إذا كان عقل المريض معه وفهمه وإدراكه فإن الأوامر والأحكام الشرعية تنطبق عليه، ويكلف بالصلاة والصوم والطهارة ونحوها بحسب القدرة، ويجوز مساعدته على الطهارة إن قدر على غسل أعضائه، فإن عجز عن استعمال الماء في أعضائه وشق غسلها عليه عدل إلى التيمم، فإن عجز فإن المرافق يقوم بذلك بأن يضرب التراب فيمسح وجهه وكفيه مع النية.
كتاب الروض المربع الجزء الثالث
198283 مشاهدة
أن يقبض الثمن تاما

بسم الله الرحمن الرحيم. قال الشارح - رحمه الله تعالى- الشرط السادس أن يقبض الثمن تاما؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: من أسلف في شيء فليسلف الحديث. أي: فليعطِ، قال الشافعي لأنه لا يقع اسم السلف فيه حتى يعطيه ما أسلفه قبل أن يفارق من أسلفه.


بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله والصلاة السلام على محمد وعلى آله وصحبه.
هذا الشرط السادس: وهو أن يقبض الثمن كاملا في مجلس العقد قبل أن يتفرقا واستدل على ذلك بحديث: من أسلف في شيء فليسلف في كيل معلوم ووزن معلوم إلى أجل معلوم وأخذوا قبض الثمن من كلمة أسلف فإن السلف إنما هو: اسم للشيء الذي قُدم ثمنه وأُجل مثمنه، وكذلك أيضا لا بد أن يكون من الإسلاف، يعني: تقديم الثمن، ويستدل على ذلك بقول الله تعالى: كُلُوا وَاشْرَبُوا هَنِيئًا بِمَا أَسْلَفْتُمْ أسلفتم يعني: قدمتم الثمن وهو العمل الصالح، فيسمى تقديم الثمن وتأخير الجزاء سلفا أَسْلَفْتُمْ فكذلك السلف في المبايعات تقديم الثمن في مجلس العقد. نعم.