جاء الشرع الشريف مرغبا في حسن المعاملة مع الأفراد والجماعات ؛ فحث على اختيار الرفقاء الصالحين ونفر من قرناء السوء، ورغب في زيارة الإخوان والأنس بهم، وأخبر بأن المؤمن الذي يخالط الناس ويصبر على أذاهم أفضل من صاحب العزلة؛ فإن الأول ينفع الناس ويرشدهم، ويتحمل ما ناله في ذات الله من إساءة وضرر. logo إن المسلم الملتزم بدين الله ، والذي سار على صراط الله المستقيم ، سيجد دعاة الضلال والانحراف؛ وهم واقفون على جانبي الطريق، فإن أنصت لهم والتفت إليهم عاقوه عن السير، وفاته شيء كثير من الأعمال الصالحة. أما إذا لم يلتفت إليهم؛ بل وجه وجهته إلى الله فهنيئا له الوصول إلى صراط ربه المستقيم الذي لا اعوجاج فيه ولا انحراف إذا ضعفت العقيدة في القلوب ضعف العمل، فإذا رأيت الذي يكون ضعيفا في عباداته، في صلواته وزكواته وما إلى ذلك، فاعلم أن ذلك لضعف في عقيدته بالأساس.فالعقيدة حقيقة إذا امتلأ بها القلب ظهرت آثارها على الجواربالوقوف قائما أو عدم الاستظلال أو بترك الكلام فهذا ليس فيه طاعة الاعمى إذا أراد الصلاة فعليه أن يتحرى القبلة باللمس للحيطان إذا كان صاحب البيت، وإلا فعليه أن يسأل من حضر عنده، فإن لم يكن عنده من يسأله تحرى وصلى بالاجتهاد الغالب على ظنه، ولا إعادة عليه، كالبصير إذا اجتهد في السفر ثم تبين له خطأ اجتهاده فلا إعادة عليه. تفكروا في آيات الله وكيف بسط الله عز وجل الأرض، وجعل فيها الجبال والوهاد والأودية، والمنخفضات والمرتفعات والرمال والأبطحة، والمعادن التي في جوفها والمياه، وما شابه ذلك.فلو أن الإنسان أخذ يتدبر في هذه المخلوقات وأخذ يكرر ذلك لحفظ وقته من الضياع، وازداد يقينا وقوي إيمانه، ولم تتطرق إلى عقله الشكوك والتخيلات الشيطانية.
shape
كتاب الروض المربع الجزء الثالث
283389 مشاهدة print word pdf
line-top
السلم في الأثمان والفلوس

فإن كانت الأثمان خالصة، صح السَّلَم فيها، ويكون رأس المال غيرها، ويصح السَّلَم في فلوس ويكون رأس المال عرضا.


الأصل أن رأس المال يكون من النقود، ولكن قد يكون من العُرُوض، ولكن الصحيح أن هذا لا يسمى سَلَمًا، وإنما يسمى دَيْنًا وهو أجل ثمنه.
ثم يقول: وصورة السَّلَم في النقود أن يقول مثلا: اشتريت منك ألف ريال بمائة صاع، أسلم منك الآصع الآن.
إذا كانت الريالات حاضرة لزيد في ثمنها. لو كانت حاضرة لنقصت. لكان -مثلًا- مائة الصاع بخمسمائة، ولكنها لما كانت غائبة جعلت بألف، فيسمى هذا دينا وسَلَمًا في نقود، ولكن رأس المال من العروض.
أي جعل رأس المال من الأكياس -مثلًا- أو الآصع من التمر، أو ما أشبه ذلك.
مثل هذا يسمى دينا.
الفُلُوس: قطع من الحديد، مضروبة كعملة يتعامل بها، ومثلها الآن الهَلَل؛ فإنها قطع صغيرة من النحاس، فإذا جعلت؛ إذا أسلم في الفلوس، جعل رأس المال عروضا؛ كأن يقول مثلا: اشتريت منك ألف هللة، أو -مثلًا- مائة ألف هلل، اشتريتها منك بخمسين صاعا، مسلمة لك- الآن- من الأرز، أو من البر، فهذا سلم في فلوس؛ لأن في هلل، ورأس المال عرض؛ يعني رأس المال شاة مسلمة، أو رأس المال عشرة ثياب، أو رأس المال -مثلًا- خمسة أكياس من الأرز، أو نحو ذلك، فصح السَّلَم؛ لأن رأس المال يعني ليس من جنس الفلوس، فلا يكون بيع مثل بمثله مع التفاوت، أو مع الاختلاف، إنما هما متباينان نعم.

line-bottom