تفكروا في آيات الله وكيف بسط الله عز وجل الأرض، وجعل فيها الجبال والوهاد والأودية، والمنخفضات والمرتفعات والرمال والأبطحة، والمعادن التي في جوفها والمياه، وما شابه ذلك.فلو أن الإنسان أخذ يتدبر في هذه المخلوقات وأخذ يكرر ذلك لحفظ وقته من الضياع، وازداد يقينا وقوي إيمانه، ولم تتطرق إلى عقله الشكوك والتخيلات الشيطانية. الدين الذي في ذمة من هو قادر على الوفاء يزكى؛ لأنه بمنزلة الأمانة عنده، ويقدر صاحبه أن يأخذه ويتحصل عليه متى طلبه، وأما الدين الذي عند معسر أو مماطل ولو كان غنيا، فإن صاحبه لا يقدر على الحصول عليه، ولو طالبه قد يدعي الإعسار والفقر، فمثل هذا المال كالمعدوم، فلا زكاة عليه إلا إذا قبضه    جاء الشرع الشريف مرغبا في حسن المعاملة مع الأفراد والجماعات ؛ فحث على اختيار الرفقاء الصالحين ونفر من قرناء السوء، ورغب في زيارة الإخوان والأنس بهم، وأخبر بأن المؤمن الذي يخالط الناس ويصبر على أذاهم أفضل من صاحب العزلة؛ فإن الأول ينفع الناس ويرشدهم، ويتحمل ما ناله في ذات الله من إساءة وضرر. لا بأس أن يكتب المسلم اسمه في طرة المصحف (جانبه) مخافة اشتباه مصحفه بغيره، فقد لا يناسبه إلا مصحفه المخصص له، ولا بأس أن يكتب بعض الفوائد على الهوامش كتفسير كلمة أو سبب نزول أو ما أشبه ذلك. إن أهمية الوقت معلومة عند كل عاقل؛ ذلك أن وقت الإنسان هو رأسماله، وهو عمره أيامه ولياليه، فإذا ما ضاع رأس المال، ضاعت الأرباح، وإذا عرف الإنسان ذلك، حرص على أن يستغلها ويستفيد منها وألا يضيعها، ليكون بذلك رابحا
كتاب الروض المربع الجزء الثالث
177237 مشاهدة
إذا شرط شرطين في البيع

وإن جمع بين شرطين من غير النوعين الأولين كحمل حطب وتكسيره وخياطة ثوب وتفصيله، بطل البيع لما روى أبو داود والترمذي عن عبد الله بن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: لا يحل سلف وبيع ولا شرطان في بيع ولا بيع ما ليس عندك قال الترمذي: حديث حسن صحيح.


.. من هذا الحديث قوله: ولا شرطان في بيع قد كثر الكلام حوله.
لو مثلا أخذه على ظاهره وقال: لا يجوز أية شرطين حتى لو كان صفتين، أن يقول مثلا اشتريت منك العبد بشرط أن يكون مسلما وكاتبا، فإن هذين شرطين، والصحيح أنهما ليسا شرطين ولكنهما صفتان في المبيع.
وأدخلوا فيه أيضا شرط مقتضى العقد إذا قال مثلا: بشرط أن تملكني المبيع وأملكك الثمن، فجعلوا هذا أيضا شرطين في بيع، فأبطلوا البيع في ذلك. وبعضهم استثنى كما سمعنا النوعين الأولين:
النوع الأول: الذي هو شرط مقتضى العقد، والنوع الثاني: الذي هو شرط صفة في المبيع ككون الأمة بكرا والدابة هملاجة والفهد صيودا والعبد كاتبا. فيقول: لا حاجة إليه، لا يضر اشتراط هذه الشروط لا شرط مقتضى العقد؛ لأن هذه من مصلحة المتعاقدين ومن مصلحة المشتري وصفة في المبيع ونحوه. وخصوا الضرب الثاني وهو أن يشترط المشتري على البائع والبائع على المشتري هذه الشروط؛ كأن يشترط مثلا أن يحمل على السيارة وأن يصلحها، مكني من أن أحمل عليها وأنت الذي تصلحها أو يكون وقودها عليك، أركب على البعير وعلفه عليك هذان شرطان. فيقولون: لا تصح.
أو مثلا اشتريت منك الحطب بشرطين أن تحمله وتكسره، اشتريت منك القماش بشرطين أن تفصله وتخيطه، فيجعلون هذين الشرطين تبطل العقد.
فإذا نظرنا في هذه الأشياء، إذا كلها في مصلحة العقد وليس فيها محظور، فلأجل ذلك ذهب بعضهم إلى جواز الشروط كلها، استدلوا بعموم قوله صلى الله عليه وسلم: المسلمون على شروطهم إلا شرطا أحل حراما أو حرم حلالا وما روي عن عمر -رضي الله عنه- أنه قال: مقاطع الحقوق عند الشروط، وما روي عن شُريح وهو قوله: الشرط أوثق.
فهذه شروط من مصلحة العقد؛ حمل الحطب وتكسيره،خياطة الثوب وتفصيله، والحمل على البعير إلى موضع معين وإصلاح السيارة مثلا ووقودها والحمل عليها وأشباه ذلك. لا محظور في ذلك. توقف هذا الحديث مشكل، وهو شرطان في بيع. كيف نحمله؟ حمله بعض المحققين كابن القيم على أن يشرط عليه أن يبيعه بثمن المؤجل، ثم يشرط عليه أن يشتريه منه بثمن النقد. أي: كمسألة العينة شرطان في بيع يعني: بعتك مثلا السيارة، وشرطت عليك أجلا مدة سنة بستين ألفا بشرط أن أشتريها منك نقدا بخمسين ألفا، فهذا شرط من قبل البائع، وشرط من قبل المشتري؛ فلذلك يقال: إن هذا لا مانع منه. لكن إذا نظرنا في شرط العينة وإذا هو ينطبق على أنه شرطان في بيع وهو بيع محظور. فمن ذلك نحمل الشرطين في الحديث على مسألة العينة، والذين حملوه على ظاهره، توقفوا في كثير من المسائل أو ردوها؛ كثير من المبايعات بظاهر الحديث.
والصحيح أن المسلمين على شروطهم، وأن الشروط إذا كان فيها مصلحة فلا محظور فيها، ولو تعددت ولو زادت على شرطين أو ثلاثة أو أربعة، فلا محظور في ذلك إن شاء الله.
..هذا الأقرب. نعم.