تعبير الرؤيا يرجع فيه إلى معرفة أشياء تختص بالرائي وما يتصل به، وكذا معرفة القرائن والأحوال، ومعرفة معاني الكلمات وما يتصل بها لغة وشرعا وما يعبر به عنها، وهذه الأمور ونحوها يختص بها بعض الناس لانشغالهم بمعرفتها وما يدور حولها، فعلى هذا لا يجوز لكل أحد أن يعبر الرؤى، فقد يفهم فهما بعيدا، وقد يأخذ التعبير من اللفظ لا من المعنى فيخطئ في ذلك. قال النبي صلى الله عليه وسلم: "أد الأمانة إلى من ائتمنك، ولا تخن من خانك". فلو خانك إنسان فلا تجازه بالخيانة، بل اصفح وتجاوز عنه حتى يثيبك الله بالحسنى ويعفو عنك، ويعاقبه على خيانته إذا كان قد تعمدها، ولربما ندم إذا رآك تعامله بهذه المعاملة وهو قد خان! فيندم ويتخلق بأخلاقك؛ فيكون عملك هذا دعوة وسببا للتخلق بهذا الخلق العظيم. شريعة الإسلام شريعة واسعة كاملة، اشتملت على كل ما تمس إليه حاجة البشر، حاجة الذكور والإناث في الدنيا وفي الآخرة، فذكر الله تعالى نساء الدنيا وجعل لهن أحكاما، وذكر النساء في الآخرة وذكر ثوابهن كثواب الرجال المؤمنين، وفي هذا تمام العدل والحكمة إذا ضعفت العقيدة في القلوب ضعف العمل، فإذا رأيت الذي يكون ضعيفا في عباداته، في صلواته وزكواته وما إلى ذلك، فاعلم أن ذلك لضعف في عقيدته بالأساس.فالعقيدة حقيقة إذا امتلأ بها القلب ظهرت آثارها على الجواربالوقوف قائما أو عدم الاستظلال أو بترك الكلام فهذا ليس فيه طاعة تفكروا في آيات الله وكيف بسط الله عز وجل الأرض، وجعل فيها الجبال والوهاد والأودية، والمنخفضات والمرتفعات والرمال والأبطحة، والمعادن التي في جوفها والمياه، وما شابه ذلك.فلو أن الإنسان أخذ يتدبر في هذه المخلوقات وأخذ يكرر ذلك لحفظ وقته من الضياع، وازداد يقينا وقوي إيمانه، ولم تتطرق إلى عقله الشكوك والتخيلات الشيطانية.
كتاب الروض المربع الجزء الثالث
198448 مشاهدة
إذا جهل المشتري الحال في مسائل تفريق الصفقة

ولمشترٍ الخيار إن جهل الحال بين إمساك ما يصح فيه البيع بقسطه من الثمن، وبين رد المبيع لتبعيض الصفقة عليه.


المشتري قد يقول: أنا لا أريد إلا عبدين، كوني أشتري عبدا واحدا، ثم أذهب أطلب عبدا ثانيا، علي مشقة لا أريد إلا عبدين مثلا جميعا. فإما أن تعطينهما معا، وإما أن تأخذهما معا.
في هذه الحال له الخيار فإذا اختار الرد رد البيع كله، وأخذ الثمن كله؛ حيث إنه تفرقت عليه الصفقة فتضرر. قد يقول: إنني إذا اشتريت مثلا شاتين دفعة واحدة كان أسهل لي وأيسر وأرخص، فالآن أنا اشتريت هاتين الشاتين، وتبين أنك بعت شاة شريكك، وهو لم يأذن لك، وجاءني شريكك وانتزعها مني، وردّ علي الثمن، فالآن أنا لا تكفيني شاة واحدة، أريد شاتين متكافئتين، وأريد أنهما جميعا من شخص واحد.
وكذلك لو قال: إن غرضي في ظرفين من الخل ولا يَكفيني ظرف واحد، وأريد أن آخذهما معا من شخص واحد وأحملهما معا، وأما أنني أحمل ظرفا واحدا ثم أرجع مرة أخرى وألتمس ظرفا آخر فهذا يشق علي، فإما أن تعطيني ظرفين كما بعتني، وإما أن تأخذ الظرفين وترد علي دراهمي؛ حيث تبعضت الصفقة علي وتبعيضها يضر بي صدق، له ذلك، فلمشترٍ الخيار إن جهل الحال.