إن الغذاء الطيب من مكسب حلال يكسب القلب قوة، ويكسبه صفاء وإخلاصا، ويكون سببا في قبول الأعمال وإجابة الدعوات. والغذاء الطيب يكون سببا في بركة الله ومباركته للأعمال والأعمار والأموال، وأثر ذلك واضح، فقد ثبت عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: (كل لحم نبت على سحت فالنار أولى به) logo من كان مسافرا ولم يصل المغرب والعشاء فأدرك العشاء خلف إمام مقيم فالمختار أنه يصلي المغرب وحده، فإذا صلاها دخل معه في بقية العشاء، وذلك لاختلاف النية؛ فإن المغرب والعشاء متفاوتان بينهما فرق في عدد الركعات. هذا الذي نختاره. وأجاز بعض المشائخ أنه يدخل معهم بنية المغرب، فإذا صلوا ثلاثا فارقهم وتشهد لنفسه وسلم، ثم صلى العشاء، ولكل اجتهاده عيادة المريض سنة مؤكدة، وقد رأى بعض العلماء وجوبها. قال البخاري في صحيحه: باب وجوب عيادة المريض. ولكن الجمهور على أنها مندوبة أو فرض على الكفاية، وقد ورد في فضلها قول النبي صلى الله عليه وسلم: "إن المسلم إذا عاد أخاه المسلم لم يزل في خرفة الجنة حتى يرجع" رواه مسلم. (الخرفة: اجتناء ثمر الجنة) لم يوجد أحد من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم دخل في بدعة ولا خالف السنة ولا جماعة المسلمين،ولا خرج على أئمة الدين بل الصحابة كلهم عدول؛ وذلك لأنهم تلقوا الوحي من النبي مباشرة فوصل الإيمان إلى قلوبهم، فلم يكن إيمانهم عن تقليد بل عن فقه واتباع. (يجب) على الوالد التسوية بين أولاده في العطية والتمليك المالي، (ويستحب) له التسوية في المحبة والرعاية، لكن إذا كان فيهم من هو معاق أو مريض أو صغير ونحوه فالعادة أن يكون أولى بالشفقة والرحمة والرقة. وقد سئل بعض العرب: من أحب أولادك إليك؟ فقال: الصغير حتى يكبر، والمريض حتى يبرأ، والغائب حتى يقدم.
shape
كتاب الروض المربع الجزء الثالث
254117 مشاهدة print word pdf
line-top
إذا باع معلوما ومجهولا يتعذر علمه

أو باع معلوما ومجهولا يتعذر علمه كهذه الفرس وما في بطن أخرى، ولم يقل كل منهما بكذا لم يصح البيع؛ لأن الثمن يوزع على المبيع بالقيمة، والمجهول لا يمكن تقويمه فلا طريق إلى معرفة ثمن المعلوم.


يقول: باع معلوما ومجهولا يتعذر علمه، ولم يقل كل منهما بكذا لم يصح البيع.
ومثلوا له بما إذا قال: بعتك هذه الفرس وما في بطن الفرس الثانية؛ فرس موجود وحمل مفقود أو شبه مفقود. الذي في بطن هذه الفرس الأخرى مجهول لا ندري كم قيمته، وقد تقدم أن البيع المجهول لا يصح، فلا يصح أن يقول بعتك حمل هذه الشاة ولا حمل هذه البقرة ولا حمل هذه الأمَة؛ وذلك لأن الحمل مجهول لا ندري أذكر أم أنثى؟ والثمن يختلف لا ندري أواحد أم عدد، قد يكون مثلا كثيرا نحو ثلاثة، قد تلد في البطن ثلاثة، وكذلك المرأة قد تلد ثلاثة في بطن واحد واثنين، قد يكون ميتا فيكون مجهولا، فإذا قال: بعتك هذه الشاة وحمل الشاة الأخرى، الحمل يتعذر علمه في هذه الحال، ويتفاوت إن كانا أنثيين فلهما ثمن، إن كانا ذكرين فلهما ثمن، إن كان ذكر وأنثى فلهما ثمن، إن كان ذكر فقط أو أنثى فقط، إن كان ميتا، إن كان ميتا وحيا، يختلف الثمن باختلاف حال الحمل.
فلما كان مما يتعذر علمه أصبح الثمن غير معلوم، كيف نوزع الثمن؟ إذا قلنا مثلا: إن الثمن مائة ماذا نجعل مقابل الحمل؟ لو أن الحمل خرج ميتا لبطل البيع، والآن نريد أن نوزع الثمن قبل أن يولد فلا ندري ما مقدار الثمن الذي يقابل الحمل؛ لأنه الآن لا يزال حملا في بطن الأم، فتوزيع الثمن متعذر. لأجل ذلك قالوا: يبطل البيع كُلًّا؛ لأن المجهول الذي هو في بطن الأم يُتعذر علمه.
... إذا قال: كل منهما بكذا فلا بأس، إذا قال: قيمة الفرس أو الشاة مائة وقيمة الحمل عشرة صح؛ لأن هذا معلوم؛ صح في الفرس ولم يصح في الحمل؛ لأنه مجهول وبيع المجهول لا يجوز؛ لأنه غرر ثبت أنه صلى الله عليه وسلم نهى عن الغرر فلذلك قالوا: لا يصح البيع بدون تحديد فأما إذا حدد قيمة الفرس وقيمة الحمل أو قيمة الشاة وقيمة حمل الشاة الثانية فهذا جائز.

line-bottom