إن المؤمن بربه يرضى بالقضاء والقدر، ويعلم أن ما أصابه لم يكن ليخطئه، ويعلم أن في الابتلاء والامتحان خيرا كثيرا وأجرا كبيرا، وأن المصائب والنكبات يخفف الله بها من الخطايا، فيستحضر قول النبي صلى الله عليه وسلم: "ما أصاب العبد المسلم من نصب ولا وصب ولا هم ولا حزن ولا أذى ولا غم، حتى الشوكة يشاكها، إلا كفر الله بها من خطاياه" متفق عليه. شرع الله تطهير هذه الأعضاء وغسلها وتنظيفها عند القيام إلى الصلاة أو عند وجود حدث؛ حتى يصير المصلي نظيف البدن، وحتى يحصل له النشاط والقوة، وحتى يقبل على الصلاة بصدق ومحبة ورغبة إن المسلم الملتزم بدين الله ، والذي سار على صراط الله المستقيم ، سيجد دعاة الضلال والانحراف؛ وهم واقفون على جانبي الطريق، فإن أنصت لهم والتفت إليهم عاقوه عن السير، وفاته شيء كثير من الأعمال الصالحة. أما إذا لم يلتفت إليهم؛ بل وجه وجهته إلى الله فهنيئا له الوصول إلى صراط ربه المستقيم الذي لا اعوجاج فيه ولا انحراف إذا عرف الصغير ربه، وعظم قدر ربه في قلبه، نشأ على طاعة الله تعالى، ونشأ على محبته، وأحب عبادة الله وعظمها في صغره، وسهلت عليه وداوم عليها في كبره، وكره المعصية ونفر منها، وكره كل ما نهى الله تعالى عنه؛ حيث أن آباءه يعلمونه الخير ويؤدبونه عليه إن غسل أعضاء الوضوء في اليوم خمس مرات دليل على أن الإسلام جاء بما ينشط البدن وينظفه، كما جاء بما يطهر الروح ويزكيها. فهو دين الطهارة الحسية والمعنوية.
كتاب الروض المربع الجزء الثالث
176974 مشاهدة
الربا بين المسلم والحربي

ويحرم الربا بين المسلم والحربي بأن يأخذ المسلم زيادة من الحربي لعموم ما تقدم من الأدلة.


الربا محرم شرعا، والأدلة عامة في تحريمه فلا يباح بحال، حتى ولو كان المشتري حربيا، ولو كان الذي تأخذ منه الربا حربيا، فإن ذلك لا يصوغ إباحة الربا، فالله تعالى حرم الربا عموما بقوله تعالى: وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا وبقوله: لَا تَأْكُلُوا الرِّبَا أَضْعَافًا مُضَاعَفَةً فيدخل في ذلك ما إذا كان محاربا؛ يعني أنه من الكفار الذين بيننا وبينهم الحرب وتعاملت معه، فلا يجوز ان تتعامل معه بالربا سواء في الصرف أو في المعاملات، فلا يجوز أن تقول مثلا: ما دام حربيا وأموال المحاربين حلال، فلماذا لا أبيعه كيسا بكيسين، ولماذا لا آخذ منه درهما بدرهمين؟ أو أبيعه مثلا كيسا بكيسين، أربح عليه لأن أموال المحاربين حلال الجواب: أنها إنما تحل بالمغالبة، إنما تحل بأخذها منهم بالقوة والغلبة، فأما أخذها بهذه الصفة، والتي هي صفة المبايعة، فإن المبايعة تعتبر أمانة، والأمين لا بد أن يؤدي ما اؤتمن عليه؛ لعموم الأدلة ولقوله في الحديث: أد الأمانة لمن ائتمنك ولا تخن من خانك فالحربي كغيره يحرم الربا معه سواء كان هو الذي يأخذ الربا أو يعطيه. نعم.