شرع الله تطهير هذه الأعضاء وغسلها وتنظيفها عند القيام إلى الصلاة أو عند وجود حدث؛ حتى يصير المصلي نظيف البدن، وحتى يحصل له النشاط والقوة، وحتى يقبل على الصلاة بصدق ومحبة ورغبة اشترط كثير من العلماء أن يكون التيمم بتراب له غبار يعلق باليد، ومنعوا التيمم بالرمل ونحوه مما لا غبار له، وألزموا المسافر أن يحمل معه التراب إذا سافر في أرض رملية، ولعل الصحيح جواز التيمم بالرمل؛ لعموم قوله صلى الله عليه وسلم: "جعلت لي الأرض مسجدا وطهورا" متفق عليه. قال النبي صلى الله عليه وسلم: "أد الأمانة إلى من ائتمنك، ولا تخن من خانك". فلو خانك إنسان فلا تجازه بالخيانة، بل اصفح وتجاوز عنه حتى يثيبك الله بالحسنى ويعفو عنك، ويعاقبه على خيانته إذا كان قد تعمدها، ولربما ندم إذا رآك تعامله بهذه المعاملة وهو قد خان! فيندم ويتخلق بأخلاقك؛ فيكون عملك هذا دعوة وسببا للتخلق بهذا الخلق العظيم. إن أهمية الوقت معلومة عند كل عاقل؛ ذلك أن وقت الإنسان هو رأسماله، وهو عمره أيامه ولياليه، فإذا ما ضاع رأس المال، ضاعت الأرباح، وإذا عرف الإنسان ذلك، حرص على أن يستغلها ويستفيد منها وألا يضيعها، ليكون بذلك رابحا إن الغذاء الطيب من مكسب حلال يكسب القلب قوة، ويكسبه صفاء وإخلاصا، ويكون سببا في قبول الأعمال وإجابة الدعوات. والغذاء الطيب يكون سببا في بركة الله ومباركته للأعمال والأعمار والأموال، وأثر ذلك واضح، فقد ثبت عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: (كل لحم نبت على سحت فالنار أولى به)
كتاب الروض المربع الجزء الثالث
170824 مشاهدة
تعريف البيع لغة وشرعا

...............................................................................


واشتقاقه من الباع، الباع ما بين اليدين إذا مدتا مد اليدين كليهما كل واحدة في جهة ما بينهما يسمى باعًا, وجمعه أبواع. ثم معلوم أن الاشتقاق لا بد له من مناسبة. قالوا: مناسبته أن كل واحد منهما يمد يده للأخذ والإعطاء فكأنه مد الباع, مد اليد للأخذ, ومدها للإعطاء, كأنه شبيه بمد هذا الباع, فاشْتقّ هذا الاسم منه، وهو اسم معروف قبل الإسلام, تعرفه العرب باسم البيع, وجمعه بيوع.
تعريفه شرعًا ما ذكره الماتن بقوله: وهو مبادلة مال ولو في الذمة, أو منفعة مباحة كممر, بمثل أحدهما على التأبيد غير ربا وقرض. هذا تعريفه, ويحتاج التعريف إلى تفكيك, وذلك لأنه أراد بذلك تعريفه مطلقا؛ المبادلة: أخذ شيء بدل شيء. والذي تدخل عليه الباء هو الثمن, والذي لا تدخل عليه هو المثمن, فإذا قلت مثلا: الكتاب بعشرة دخلت الباء على العشرة, إذًا هي الثمن, والكتاب هو المثمن، ليس العادة أن تقول: العشرة بكتاب -وإن كان ذلك جائزا- والثمن قد يكون من غير النقدين.
إذا كان من غير النقدين فيصلح أن يكون كل منهما ثمنا ومثمنا، فإنك إذا قلت مثلا: الكتاب بالثوب صح أن تقول الثوب بالكتاب؛ يعني مبادلة مال بمال هذا الكتاب بهذا الكتاب، هذا الكتاب بهذا الثوب، هذا الكتاب مثلا أو هذه الشاة بهذا الثوب مثلا الذي دخلت عليه الباء هو العوض؛ مبادلة مال بمال ولو في الذمة هذه الكلمة للخلاف يعني أنه يصلح أن يكون المال الذي أبدل بمثله غائبا ليس بحاضر, وهو ما يسمى في الذمة, أن يكون أحد العوضين في الذمة يعني غائبا وهو الدَّين فإذا قلت مثلا: الكتاب بعشرة في الذمة, صح, كتاب بعشرة في الذمة، أو مثلا: هذه العشرة بكتاب غائب, بكتاب تأتي به مثلا بعد عشرة أيام, أو بعد شهر, الكتاب التزمت به في الذمة, في ذمتي لك كتاب صفته كذا وكذا ككتاب الروض المربع مثلا أعطيكه بعد شهر, هذا ثمنه. مبادلة مال ولو كان المال في الذمة أو منفعة يعني, أو مبادلة منفعة، المنفعة هي: النفع في عين, ولكن غالبا يسمون المنفعة أجرة، وقد يجعلونها منفعة مستمرة ولهذا مثل لها بالممر, بالطريق.. كممر في دار أو في أرض. مبادلة مال ولو في الذمة-يعني غائب- أو منفعة كممر.
المنفعة مثل: الإذن في طريق تَمُرُّ معه في هذه الأرض، الأرض أرضي, أذنتُ لك أن تمر معها, تدخل إلى السوق مثلا, أو إلى المسجد, أو نحو ذلك كممر. ومثله أيضا: طريق السيل, لو كانت الدور متلاصقة وليس لسطحك مصب يصب فيه السيل إلا في دار جارك, فيبيعك طريق السيل في سطحه, ينصب من سطحك على سطحه حتى ينصب في الطريق، فهذا أيضا منفعة، وهي: ممر هذا السيل. المنفعة كأنهم يريدون بها: الأمر الذي يستمر النفع به, ولا يكون موقتا؛ لأنه إذا كان موقتا سموها إجارة، إذا قال مثلا: بِعْتُكَ منفعة داري هذه شهرا, يعني: سكناها.. هذه إجارة، أو: بعتك القراءة في هذا الكتاب أسبوعا, هذه إجارة -بعشرة مثلا أو بخمسة- أما إذا كانت المنفعة مستمرة, يعني: تمر مع أرض ما دمت محتاجا إليها, ولكن بعوض مقدم أو مؤجل, فهذه منفعة بمنزلة البيع. هذا معنى مبادلة مال ولو في الذمة أو منفعة مباحة.