إن الغذاء الطيب من مكسب حلال يكسب القلب قوة، ويكسبه صفاء وإخلاصا، ويكون سببا في قبول الأعمال وإجابة الدعوات. والغذاء الطيب يكون سببا في بركة الله ومباركته للأعمال والأعمار والأموال، وأثر ذلك واضح، فقد ثبت عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: (كل لحم نبت على سحت فالنار أولى به) اللسان أمانة،استودعه الله عندنا وأمرنا بأن نستعمله في الذكر وفي العلم وفي التعليم وفي النصيحة وما أشبه ذلك، ولا نستعمله في غيبة ونميمة ولا في هجاء ولا في عيب وقذف وهمز ولمز وما أشبه ذلك. وهكذا بقية الجوارح أمانات داخلة في قول الله تعالى: (والذين هم لأماناتهم وعهدهم راعون) . الاعمى إذا أراد الصلاة فعليه أن يتحرى القبلة باللمس للحيطان إذا كان صاحب البيت، وإلا فعليه أن يسأل من حضر عنده، فإن لم يكن عنده من يسأله تحرى وصلى بالاجتهاد الغالب على ظنه، ولا إعادة عليه، كالبصير إذا اجتهد في السفر ثم تبين له خطأ اجتهاده فلا إعادة عليه.    جاء الشرع الشريف مرغبا في حسن المعاملة مع الأفراد والجماعات ؛ فحث على اختيار الرفقاء الصالحين ونفر من قرناء السوء، ورغب في زيارة الإخوان والأنس بهم، وأخبر بأن المؤمن الذي يخالط الناس ويصبر على أذاهم أفضل من صاحب العزلة؛ فإن الأول ينفع الناس ويرشدهم، ويتحمل ما ناله في ذات الله من إساءة وضرر. عيادة المريض سنة مؤكدة، وقد رأى بعض العلماء وجوبها. قال البخاري في صحيحه: باب وجوب عيادة المريض. ولكن الجمهور على أنها مندوبة أو فرض على الكفاية، وقد ورد في فضلها قول النبي صلى الله عليه وسلم: "إن المسلم إذا عاد أخاه المسلم لم يزل في خرفة الجنة حتى يرجع" رواه مسلم. (الخرفة: اجتناء ثمر الجنة)
كتاب الروض المربع الجزء الثالث
175663 مشاهدة
رجوع المشتري على البائع بكل الثمن عند فساد المبيع

وإن كان المبيع كبيض دجاج، فكسره، فوجده فاسدا، رجع بكل الثمن؛ لأنا تبينا فساد العقد من أصله لكونه وقع على ما لا نفع فيه، وليس عليه رد أرش ذلك إلى بائعه لعدم الفائدة فيه.


بيض الدجاج لا قيمة لغلافه، وكذلك بيض الحمام، وبيض الحبارى مثلا وسائر بيض الطيور لا قيمة لقشره. ثم إنه تارة يكون فاسدا كله. البيض لا قيمة له منتن وفاسد، أو قد فرخ؛ ولكن أفراخه ميتة لا يمكن أن تعيش. ففي هذه الحال لا فائدة في رده. يطالِب بالثمن كله؛ لأن القصد من المبيع هو المأكول الذي في جوف البيض، وقد وجد فاسدا، فلا قيمة له، ولا أرش له، ولا فائدة في قشره، فيطالب بالثمن كله؛ حيث إنه اشترى ما لا فائدة فيه.
وأما إذا وجد فيه بعض الفائدة بأن وجد فيها أفراخا يسيرة ويمكن إزالة الفرخ وطبخ الباقي يعني: الفرخ يمكن أنه مد يعني: قد يكون مثل رأس الإصبع، فيمكن أن ينتفع به يعني: بالباقي فإنه يطالب بالأرش. وأما إذا كان الفرخ قد ملأ البيضة، ولم يبق من المح شيء، فإنه لا يرد شيئا، ويطالب بكل الثمن. نعم.