إذا ضعفت العقيدة في القلوب ضعف العمل، فإذا رأيت الذي يكون ضعيفا في عباداته، في صلواته وزكواته وما إلى ذلك، فاعلم أن ذلك لضعف في عقيدته بالأساس.فالعقيدة حقيقة إذا امتلأ بها القلب ظهرت آثارها على الجواربالوقوف قائما أو عدم الاستظلال أو بترك الكلام فهذا ليس فيه طاعة إن المسلم الملتزم بدين الله ، والذي سار على صراط الله المستقيم ، سيجد دعاة الضلال والانحراف؛ وهم واقفون على جانبي الطريق، فإن أنصت لهم والتفت إليهم عاقوه عن السير، وفاته شيء كثير من الأعمال الصالحة. أما إذا لم يلتفت إليهم؛ بل وجه وجهته إلى الله فهنيئا له الوصول إلى صراط ربه المستقيم الذي لا اعوجاج فيه ولا انحراف    جاء الشرع الشريف مرغبا في حسن المعاملة مع الأفراد والجماعات ؛ فحث على اختيار الرفقاء الصالحين ونفر من قرناء السوء، ورغب في زيارة الإخوان والأنس بهم، وأخبر بأن المؤمن الذي يخالط الناس ويصبر على أذاهم أفضل من صاحب العزلة؛ فإن الأول ينفع الناس ويرشدهم، ويتحمل ما ناله في ذات الله من إساءة وضرر. من كان مسافرا ولم يصل المغرب والعشاء فأدرك العشاء خلف إمام مقيم فالمختار أنه يصلي المغرب وحده، فإذا صلاها دخل معه في بقية العشاء، وذلك لاختلاف النية؛ فإن المغرب والعشاء متفاوتان بينهما فرق في عدد الركعات. هذا الذي نختاره. وأجاز بعض المشائخ أنه يدخل معهم بنية المغرب، فإذا صلوا ثلاثا فارقهم وتشهد لنفسه وسلم، ثم صلى العشاء، ولكل اجتهاده       إن المؤمن بربه يرضى بالقضاء والقدر، ويعلم أن ما أصابه لم يكن ليخطئه، ويعلم أن في الابتلاء والامتحان خيرا كثيرا وأجرا كبيرا، وأن المصائب والنكبات يخفف الله بها من الخطايا، فيستحضر قول النبي صلى الله عليه وسلم: "ما أصاب العبد المسلم من نصب ولا وصب ولا هم ولا حزن ولا أذى ولا غم، حتى الشوكة يشاكها، إلا كفر الله بها من خطاياه" متفق عليه.
كتاب الروض المربع الجزء الثالث
198474 مشاهدة
استثناء مجهول من معلوم في البيع

ولا يصح استثناؤه إلا معينا فلا يصح بعتك هؤلاء العبيد إلا واحدا للجهالة، ويصح إلا هذا ونحوه؛ لأنه -عليه الصلاة والسلام- نهى عن الثنيا إلا أن تعلم. قال الترمذي حديث صحيح.


الاستثناء استثناء المعلوم من المجهول يصيره مجهولا فلا يجوز استثناء شيء مجهول من شيء معلوم لا بد أن يكون المستثنى معلوما، فإذا كان عنده مثلا عشر من الغنم فقال مثلا: بعتك هذه العشر مثلا بألف إلا واحدة فقد يختلفان في هذه الواحدة فالبائع قد يختار أحسنها، ويقول: هذه هي التي استثنيتها خذ الباقي، والمشتري قد يقول: لا بل أعطيك هذه التي هي أرداها فيختلفان، أما إذا قال: بعتك هذه العشر من الغنم إلا هذه الشاة أشار إليها ففي هذه الحال يجوز، بعتكها بألف إلا هذه الشاة فيجوز ذلك؛ لأن المستثنى أصبح معينا، والمشتري قد أقدم على الباقي.
ومثلوا بالعبيد إذا كان عنده خمسة عبيد مثلا أو عشرة وقال: بعتك عبيدي مثلا بمائة ألف إلا هذا يجوز، أما إذا قال: إلا واحدا عشرة العبيد بعتكهم بمائة ألف إلا واحدا ما هو ذلك الواحد؟ قد يختلفان فالمشتري قد يعطيه أرداها، والبائع قد يختار أجودها وأحسنها وأغلاها فلا بد أن يكون المستثنى معلوما، إذا قال: إلا هذا أو إلا فلانا أي في كل شيء يباع ويجوز استثناء بعضه.
وكذلك أيضا استثناء المنافع ونحوها لا بد أن يكون معلوما، فهو داخل في هذا الحديث: أنه -صلى الله عليه وسلم- نهى عن الثنيا إلا أن تعلم فالثنيا يعني الاستثناء نهى عن استثناء شيء محدد غير شيء معلوم فيستثني منه شيئا غير معين، فإذا قال مثلا: بعتك غنمي إلا خمس والغنم مثلا مائة هذه الخمس غير معينة فلا يصح، أما إذا قال: إلا هذه وهذه وعدد الخمس صح ذلك.
وكذلك بعتك هذه القطع من الأرض إلا واحدة، عنده مثلا عشر قطع من الأرض متفاوتة القيمة منها ما هو في طريق، ومنها ما هو واسع، ومنها ما هو على طريق ضيق، ومنها ما هو في طريق في مكان محصور فعند ذلك تتفاوت القيمة؛ فلا بد أن يكون المستثنى معينا كأن يقول: بعتك هذه القطع إلا هذه، فهذا معنى: نهى عن الثنيا إلا أن تعلم يعني تخصص وتعين.
وكذلك ما يباع عددا بعتك هذه الثياب إلا هذا وهي تتفاوت في تفصيلها مثلا وفي أقمشتها فإذا استثنى معينا جاز، وأما إذا قال: إلا واحدا فلا يجوز، كما لو قال: بعتك واحدا من هذه الثياب مع تفاوتها، أو واحدا من هذا القطيع مع تفاوته، أو بعتك القطيع إلا واحدة، فالأشياء التي تختلف قيمها لا يجوز أن تباع إلا بعد معرفتها، ولا يستنثى منها شيء إلا شيئا معينا. .... لا بأس إذا صار ما بينها اختلاف. نعم.