القلوب أوعية؛ منها ما يستوعب الخير، ومنها ما يستوعب الشر. وأفضل القلوب هي التي تمتلئ بالخير،تمتلئ بالعلم وتمتلئ بالدين والعبادة، تمتلئ بالعلم النافع والعقيدة السليمة، هذه هي القلوب الواعية، وهي أرجى القلوب لتحصيل الخير logo تعبير الرؤيا يرجع فيه إلى معرفة أشياء تختص بالرائي وما يتصل به، وكذا معرفة القرائن والأحوال، ومعرفة معاني الكلمات وما يتصل بها لغة وشرعا وما يعبر به عنها، وهذه الأمور ونحوها يختص بها بعض الناس لانشغالهم بمعرفتها وما يدور حولها، فعلى هذا لا يجوز لكل أحد أن يعبر الرؤى، فقد يفهم فهما بعيدا، وقد يأخذ التعبير من اللفظ لا من المعنى فيخطئ في ذلك.    جاء الشرع الشريف مرغبا في حسن المعاملة مع الأفراد والجماعات ؛ فحث على اختيار الرفقاء الصالحين ونفر من قرناء السوء، ورغب في زيارة الإخوان والأنس بهم، وأخبر بأن المؤمن الذي يخالط الناس ويصبر على أذاهم أفضل من صاحب العزلة؛ فإن الأول ينفع الناس ويرشدهم، ويتحمل ما ناله في ذات الله من إساءة وضرر. لم يوجد أحد من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم دخل في بدعة ولا خالف السنة ولا جماعة المسلمين،ولا خرج على أئمة الدين بل الصحابة كلهم عدول؛ وذلك لأنهم تلقوا الوحي من النبي مباشرة فوصل الإيمان إلى قلوبهم، فلم يكن إيمانهم عن تقليد بل عن فقه واتباع. يجوز أن يعلم القبر بعلامات يعرف بها، فقد ثبت أنه صلى الله عليه و سلم لما دفن عثمان بن مظعون جعل عند قبره حجرا وقال: "أعرف به قبر أخي، وأدفن إليه من مات من أهلي". فيجوز أن يجعل علامة كحجر أو لبنة أو خشبة أو حديدة أو نحو ذلك، ليميز بها القبر عن غيره حتى يزوره ويعرفه.أما أن يكتب عليه فلا يجوز؛ لأنه قد نهي أن يكتب على القبور حتى ولو اسمه، وكذلك نهي أن يرفع رفعا زائدا عن غيره.
shape
كتاب الروض المربع الجزء الثالث
283400 مشاهدة print word pdf
line-top
استثناء مجهول من معلوم في البيع

ولا يصح استثناؤه إلا معينا فلا يصح بعتك هؤلاء العبيد إلا واحدا للجهالة، ويصح إلا هذا ونحوه؛ لأنه -عليه الصلاة والسلام- نهى عن الثنيا إلا أن تعلم. قال الترمذي حديث صحيح.


الاستثناء استثناء المعلوم من المجهول يصيره مجهولا فلا يجوز استثناء شيء مجهول من شيء معلوم لا بد أن يكون المستثنى معلوما، فإذا كان عنده مثلا عشر من الغنم فقال مثلا: بعتك هذه العشر مثلا بألف إلا واحدة فقد يختلفان في هذه الواحدة فالبائع قد يختار أحسنها، ويقول: هذه هي التي استثنيتها خذ الباقي، والمشتري قد يقول: لا بل أعطيك هذه التي هي أرداها فيختلفان، أما إذا قال: بعتك هذه العشر من الغنم إلا هذه الشاة أشار إليها ففي هذه الحال يجوز، بعتكها بألف إلا هذه الشاة فيجوز ذلك؛ لأن المستثنى أصبح معينا، والمشتري قد أقدم على الباقي.
ومثلوا بالعبيد إذا كان عنده خمسة عبيد مثلا أو عشرة وقال: بعتك عبيدي مثلا بمائة ألف إلا هذا يجوز، أما إذا قال: إلا واحدا عشرة العبيد بعتكهم بمائة ألف إلا واحدا ما هو ذلك الواحد؟ قد يختلفان فالمشتري قد يعطيه أرداها، والبائع قد يختار أجودها وأحسنها وأغلاها فلا بد أن يكون المستثنى معلوما، إذا قال: إلا هذا أو إلا فلانا أي في كل شيء يباع ويجوز استثناء بعضه.
وكذلك أيضا استثناء المنافع ونحوها لا بد أن يكون معلوما، فهو داخل في هذا الحديث: أنه -صلى الله عليه وسلم- نهى عن الثنيا إلا أن تعلم فالثنيا يعني الاستثناء نهى عن استثناء شيء محدد غير شيء معلوم فيستثني منه شيئا غير معين، فإذا قال مثلا: بعتك غنمي إلا خمس والغنم مثلا مائة هذه الخمس غير معينة فلا يصح، أما إذا قال: إلا هذه وهذه وعدد الخمس صح ذلك.
وكذلك بعتك هذه القطع من الأرض إلا واحدة، عنده مثلا عشر قطع من الأرض متفاوتة القيمة منها ما هو في طريق، ومنها ما هو واسع، ومنها ما هو على طريق ضيق، ومنها ما هو في طريق في مكان محصور فعند ذلك تتفاوت القيمة؛ فلا بد أن يكون المستثنى معينا كأن يقول: بعتك هذه القطع إلا هذه، فهذا معنى: نهى عن الثنيا إلا أن تعلم يعني تخصص وتعين.
وكذلك ما يباع عددا بعتك هذه الثياب إلا هذا وهي تتفاوت في تفصيلها مثلا وفي أقمشتها فإذا استثنى معينا جاز، وأما إذا قال: إلا واحدا فلا يجوز، كما لو قال: بعتك واحدا من هذه الثياب مع تفاوتها، أو واحدا من هذا القطيع مع تفاوته، أو بعتك القطيع إلا واحدة، فالأشياء التي تختلف قيمها لا يجوز أن تباع إلا بعد معرفتها، ولا يستنثى منها شيء إلا شيئا معينا. .... لا بأس إذا صار ما بينها اختلاف. نعم.

line-bottom