إن المؤمن بربه يرضى بالقضاء والقدر، ويعلم أن ما أصابه لم يكن ليخطئه، ويعلم أن في الابتلاء والامتحان خيرا كثيرا وأجرا كبيرا، وأن المصائب والنكبات يخفف الله بها من الخطايا، فيستحضر قول النبي صلى الله عليه وسلم: "ما أصاب العبد المسلم من نصب ولا وصب ولا هم ولا حزن ولا أذى ولا غم، حتى الشوكة يشاكها، إلا كفر الله بها من خطاياه" متفق عليه القلوب أوعية؛ منها ما يستوعب الخير، ومنها ما يستوعب الشر. وأفضل القلوب هي التي تمتلئ بالخير،تمتلئ بالعلم وتمتلئ بالدين والعبادة، تمتلئ بالعلم النافع والعقيدة السليمة، هذه هي القلوب الواعية، وهي أرجى القلوب لتحصيل الخير إذا كان عقل المريض معه وفهمه وإدراكه فإن الأوامر والأحكام الشرعية تنطبق عليه، ويكلف بالصلاة والصوم والطهارة ونحوها بحسب القدرة، ويجوز مساعدته على الطهارة إن قدر على غسل أعضائه، فإن عجز عن استعمال الماء في أعضائه وشق غسلها عليه عدل إلى التيمم، فإن عجز فإن المرافق يقوم بذلك بأن يضرب التراب فيمسح وجهه وكفيه مع النية. إذا عرف الصغير ربه، وعظم قدر ربه في قلبه، نشأ على طاعة الله تعالى، ونشأ على محبته، وأحب عبادة الله وعظمها في صغره، وسهلت عليه وداوم عليها في كبره، وكره المعصية ونفر منها، وكره كل ما نهى الله تعالى عنه؛ حيث أن آباءه يعلمونه الخير ويؤدبونه عليه تعبير الرؤيا يرجع فيه إلى معرفة أشياء تختص بالرائي وما يتصل به، وكذا معرفة القرائن والأحوال، ومعرفة معاني الكلمات وما يتصل بها لغة وشرعا وما يعبر به عنها، وهذه الأمور ونحوها يختص بها بعض الناس لانشغالهم بمعرفتها وما يدور حولها، فعلى هذا لا يجوز لكل أحد أن يعبر الرؤى، فقد يفهم فهما بعيدا، وقد يأخذ التعبير من اللفظ لا من المعنى فيخطئ في ذلك.
كتاب الروض المربع الجزء الثالث
198248 مشاهدة
إذا اشترى للغير بماله هو ولم يسمه في العقد

وإن اشترى له أي لغيره في ذمته بلا إذنه، ولم يسمه في العقد صح العقد لأنه متصرف في ذمته وهي قابلة للتصرف ويصير ملكا لمن اشتري له من حين العقد بالإجازة؛ لأنه اشترى لأجله ونزل المشتري نفسه منزلة الوكيل فملكه من اشتري له كما لو أذن.


صورة المالك إذا رأيت سلعة تباع رخيصة وعرفت أن صديقك سعيدا بحاجة إليها ثم إنك اشتريتها وسلمت الثمن من دراهمك، ثم لم تخبر البائع أنك اشتريتها لسعيد بل ظاهره والحاضرون يعرفون أنك اشتريتها لنفسك ما سميت أحدا، وسلمت الثمن من جيبك، وحصل التفرق، وقبضت السلعة ونيتك في داخلك أنها لسعيد في هذه الحال حضر سعيد فالخيار له فإن قال: أجزتك وهذه سلعة رخيصة وأنت تعرف أني بحاجة إلى مثلها فأنا أقبلها وأجيز تصرفك صح ذلك ونفذ وملكه سعيد وأنت اعتبرت نفسك وكيلا، وإن لم يوكلك واعتبرت نفسك محسنا إليه لمعرفتك أنه بحاجة إلى مثلها أو لمعرفتك أنها رخيصة تناسبه.
أما إذا حضر سعيد وتبرأ منها وقال: لا أريدها ولا رغبة لي فيها ولم أوكل أحدا يشتري لي لا أنت ولا غيرك. في هذه الحال ما تقدر أن تردها على البائع. البائع قد استلم ثمنه، وقد ذهب بها وأنت الذي اشتريته وأنت صحيح عاقل صحيح التصرف فتدخل في ملكك، وتلزمك قهرا؛ لأنك أنت الذي اشتريتها ولم تسمه في العقد. نعم...الصورة الأولى اشترى بأي المال مال سعيد دراهم سعيد هو أيضا أخبر البائع، وقال: أنا ما اشتريت بمالي اشتريت بمال سعيد أي دراهم سعيد عندي، فالبائع عرف أنك فضولي وأنك تتصرف وأنت غير مأذون لك وتصرف الفضولي لا ينفذ، ففي هذه الحال البائع خاطر فإن جاء سعيد وقبلها وإلا ألزمنا البائع بها وقلنا خذها ورد الدراهم؛ لأنك عرفت أن الذي اشترى منك ليس وكيلا وليس مالكا وليس مفوضا وبعته وأنت تعرف أنه فضولي، فاقبل سلعتك؛ لأن الذي نويت له ما قبلها.
وأما في هذه الحال فالمشتري عاقل بالغ واشتراها بعين ماله ودفع الثمن، والبائع ما ذكر له أنها لأحد معتقدا أنها لك أنت أيها المشتري، ولم تسمه في العقد، ولم تشترِ بعين ماله، فالبائع أخذ دراهمه وذهب ولو رددته عليه لم يقبل يقول أنا بعتك بيعا تام الشروط.