كتاب الروض المربع الجزء الثالث
إذا باع ملك غيره بغير إذنه
فإن باع ملك غيره بغير إذنه لم يصح ولو مع حضوره و سكوته ولو أجازه المالك.
يستعملون الفقهاء كلمة ولو إذا كان في المسألة خلاف، والظاهر أن فيها خلافا فيما إذا كان المالك حاضرا ويسمعك وأنت تبيع عين ماله، ولا ينكر عليك. فإن في هذا إقرار له، وكذلك إذا قال: أنا سامح لك بأن تبيعه فإن هذا توكيل. ولو لم يسبق توكيل قبل هذه الكلمة.
والحاصل لو أن إنسانا مثلا باع دار غيره لا يصح هذا البيع؛ المشتري لا يجوز له الشراء وهو يعلم أنها غير مملوكة للبائع، والبائع لا يجوز له عقد البيع وهو يعلم أنها ملك غيره. أيا كانت حتى ولو شيئا يسيرا لا يبيعه حتى ولو نعله مثلا أو عمامته أو إطعامه ولو مثلا خبزة له أو ملعقة أو نحو ذلك أي: الشيء الذي ليس ملكك لا تبيع لا تبع منه شيئا.
ولو رأيت غبطة لو رأيت إنسان بحاجة إلى هذه السلعة بحاجة إلى هذا الكتاب أو بحاجة إلى بقعة يبني فيها وسوف يبذل مالا كثيرا، أو بحاجة مثلا إلى هذا الكبش لذبحه وسوف يبذل فيه مثل ثمنه، مرتين أو بحاجة إلى هذه السيارة مثلا وسوف يبذل فيها مالا كثيرا أو نحو ذلك، وصاحبها غائب، ولا تدري هل هو مستغن عنها أم لا؟ ولا تدري هل هو يرغب بيعها أم لا؟ فقلت سوف أبيعها؛ لأن هذا يغتنم فإذا ما بعناه وباعه فلان أو فلان أخذ الربح، فأنا أتجرأ على صديقي وأبيع هذه الأرض التي قيمتها مثلا عشرون ألفا، وسوف يبذل هذا فيها أربعين ألفا متى نحصل على مثل هذه القيمة. أو هذه الشاة مثلا قيمتها أربعون وسوف يبذل فيها ثمانون متى نحصل على مثل هذا، نغتنم هذا ونبيعه. ففي هذه الحال إذا بعته وأخبرت المشتري أنها ليست أرضك وليست شاتك وليست عين مالك، ولكنك متجرأ على صاحبها، وتعتقد أنه سوف يوافق على البيع. حضر المالك فقال: أنا بحاجة إلى أرضي لو بذل فيها أضعافَ أضعافِ الثمن أنا بحاجة إلى كبشي أو شاتي لا أريد به بديلا لا أجيز هذا البيع. بطل البيع فلا يصح.
أما إذا قال: أجزت البيع فيصح، فيقال للمشتري البيع حصل ولكنه موقوف على إجازة المالك فأنت لا تتصرف فيه حتى يحضر المالك حتى نكاتبه أو نكالمه ونسمع ما يقول. فإذا وافق تم البيع، وإذا رد بطل البيع.
أما لو كان المالك حاضرا، حضر مثلا المشتري وقال: أريد قطعة أرض، أريد مثلا كيس بر، أريد مثلا سيارة أو شاة، وعرفت أن جليسك هذا الذي إلى جانبك عنده هذه السلعة فقلت: نعم موجودة عندنا سلعتك التي تريد موجودة في المكان الفلاني نوعها كذا ومن مساحتها كذا. المالك ساكت يسمعك وأنت تعرضها على المشتري، وقد عقدت البيع وقد قدرت الثمن وقد سلم الثمن لك وهو ينظر ولم يغير ولم ينكر. ففي هذه الحال الصحيح أنه ينعقد، لكن الفقهاء عندما قالوا: ولو مع حضوره وسكوته ولو أجازه قالوا: إن العقد وقع قبل أن تكون وكيلا ولا مالكا ولا وليا فلا ينعقد بهذه الحال حتى يعقده المالك، ويقول: أنا الذي أبيع أو بعت أو يقول قد وكلتك، فإذا قال قد وكلتك تجدد العقد، وتقول هل تشتري أنا أبيعك سلعة موكلي بكذا وكذا. فلا بد من تجديد العقد مرة ثانية بالإيجاب والقبول. هذا هو سبب اختيارهم.
ولكن الصحيح أنه إذا أقرك وأنت تسوم وأنت تقدر الثمن وأنت تعرض سلعته وكان حاضرا ولم ينكر عليك وتم العقد ودفع الثمن وهو جالس فإن ذلك تنفيذ منه للبيع. نعم... هذه غرامة تصرف مثلا وخسر باع بنقص أو اشترى بأكثر من الثمن فعليه غرامة ما تلف. نعم... ينعقد بالإجازة.
ما لم يحكم به من يراه.
يقولون: إنه إذا رفع الأمر للحاكم وحاكم به فحكم الحاكم يرفع الخلاف فيصح البيع عندهم.
مسألة>