عيادة المريض سنة مؤكدة، وقد رأى بعض العلماء وجوبها. قال البخاري في صحيحه: باب وجوب عيادة المريض. ولكن الجمهور على أنها مندوبة أو فرض على الكفاية، وقد ورد في فضلها قول النبي صلى الله عليه وسلم: "إن المسلم إذا عاد أخاه المسلم لم يزل في خرفة الجنة حتى يرجع" رواه مسلم. (الخرفة: اجتناء ثمر الجنة) تعبير الرؤيا يرجع فيه إلى معرفة أشياء تختص بالرائي وما يتصل به، وكذا معرفة القرائن والأحوال، ومعرفة معاني الكلمات وما يتصل بها لغة وشرعا وما يعبر به عنها، وهذه الأمور ونحوها يختص بها بعض الناس لانشغالهم بمعرفتها وما يدور حولها، فعلى هذا لا يجوز لكل أحد أن يعبر الرؤى، فقد يفهم فهما بعيدا، وقد يأخذ التعبير من اللفظ لا من المعنى فيخطئ في ذلك. من كان مسافرا ولم يصل المغرب والعشاء فأدرك العشاء خلف إمام مقيم فالمختار أنه يصلي المغرب وحده، فإذا صلاها دخل معه في بقية العشاء، وذلك لاختلاف النية؛ فإن المغرب والعشاء متفاوتان بينهما فرق في عدد الركعات. هذا الذي نختاره. وأجاز بعض المشائخ أنه يدخل معهم بنية المغرب، فإذا صلوا ثلاثا فارقهم وتشهد لنفسه وسلم، ثم صلى العشاء، ولكل اجتهاده إذا ضعفت العقيدة في القلوب ضعف العمل، فإذا رأيت الذي يكون ضعيفا في عباداته، في صلواته وزكواته وما إلى ذلك، فاعلم أن ذلك لضعف في عقيدته بالأساس.فالعقيدة حقيقة إذا امتلأ بها القلب ظهرت آثارها على الجواربالوقوف قائما أو عدم الاستظلال أو بترك الكلام فهذا ليس فيه طاعة يجوز أن يعلم القبر بعلامات يعرف بها، فقد ثبت أنه صلى الله عليه و سلم لما دفن عثمان بن مظعون جعل عند قبره حجرا وقال: "أعرف به قبر أخي، وأدفن إليه من مات من أهلي". فيجوز أن يجعل علامة كحجر أو لبنة أو خشبة أو حديدة أو نحو ذلك، ليميز بها القبر عن غيره حتى يزوره ويعرفه.أما أن يكتب عليه فلا يجوز؛ لأنه قد نهي أن يكتب على القبور حتى ولو اسمه، وكذلك نهي أن يرفع رفعا زائدا عن غيره.
كتاب الروض المربع الجزء الثالث
206108 مشاهدة
بيع الملامسة والمنابذة

ولا يصح بيع الملامسة بأن يقول: بعتك ثوبي هذا على أنك متى لمسته فهو عليك بكذا، أو يقول: أي ثوب لمسته فهو لك بكذا، ولا بيع المنابذة كأن يقول: أي ثوب نبذته إلي أي طرحته فعليك بكذا؛ لقول أبي هريرة -رضي الله تعالى عنه- إن النبي -صلى الله عليه وسلم- نهى عن الملامسة والمنابذة متفق عليه.


هذان بيعان في الجاهلية، كان أهل الجاهلية يتعاملون بمعاملات مشتملة على غرر وعلى جهالة، ولكنهم لجهلهم يعملون بالجهالة، فكانوا يتعاملون بهذا النوع من المبايعة الملامسة والمنابذة، ويسمونها بهذا، هذا هو اسمها عندهم ملامسة منابذة، الملامسة مشتقة من اللمس، والمنابذة مشتقة من النبذ الذي هو الطرح، فاختلف في تفسير الملامسة فمنهم من يقول: إنه إذا قال: أي ثوب لمسته فهو لك بعشرة، بمجرد ما تلمسه بيدك يتفقان على ذلك يرضى اللامس ويرضى البائع، أو يقول البائع: أي ثوب ألمسه فعليك أن تأخذه بعشرة. قد يقع اللمس على ثوب رخيص فيغبن المشتري، أو على ثوب غال فيغبن البائع إذا باعه رخيصا هذه صفة.
وقد يقول مثلا في غير الثياب مثلا: أي كيس وضعت يدك عليه أو لمسته فهو لك بمائة مثلا أو بمائتين، فتقع يده على ما لا يساوي ذلك أو على ما يساوي أضعافه فيقع الغبن، فلا بد أن يكون فيه غبن إما لهذا وإما لهذا.
ولا شك أن مجرد اللمس يعتبر غررا، فقد يلمس رخيصا وقد يلمس غاليا، سواء كان من الثياب مثلا أو من الحذاء أو من الفرش أو من الغنم مثلا أي كبش لمسته أو أدركته فهو لك بكذا. والكباش قد تختلف؛ فلا بد أن يكون معينا البيع لا بد أن يقول: بعتك هذا الثوب أو هذا الكبش مثلا أو هذا الكيس أو هذا النعل، بخلاف ما إذا قال: أي ثوب تلمسه فهو لك بكذا.
وكذلك المنابذة مشتقة كما قلنا من النبذ وهو الطرح يقول الله تعالى: نَبَذَ فَرِيقٌ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ كِتَابَ اللَّهِ يعني طرحوه نبذوا الكتاب وراءهم واستبدلوا، نبذوا كتاب الله خلف ظهورهم، فالنبذ هو الرمي بالشيء، نبذه يعني رمى به، فالمنابذة مشتقة من النبذ الذي هو رمي الشيء وطرحه، لكنه هنا كأنه يقول: أي ثوب أنبذه إليك فإنك تأخذه بعشرة مثلا، أو أي كتاب آخذه وأطرحه إليك كأن يغمض عينيه ويأخذ ثم ينبذ فقد يأخذ ما هو رخيص وقد يأخذ ما هو غال.
وكذلك كل شيء ينبذ الغالب أن النبذ إنما يكون في الشيء الذي يحمل الذي خفيف تحمله الأيدي الثوب مثلا قطعة قماش أو عمامة أو حذاء أو كتاب أو سكين أو سيف أو شيء مما يحمل كإناء أو نحو ذلك معلوم أنها تختلف اختلافا ظاهرا بالغلاء والرخص، فإذا قال: أي ثوب أنبذه إليك فهو لك بعشرة فالغالب أنه يقع غبن في أحدهما. هذه هي المنابذة نعم.
.... لا بد أنه يعين يقول: أعطني هذا الثوب، أو لا أبيعك هذا الثوب إلا بكذا وكذا.
.... إذا كانت معينة يجوز. نعم.