عيادة المريض سنة مؤكدة، وقد رأى بعض العلماء وجوبها. قال البخاري في صحيحه: باب وجوب عيادة المريض. ولكن الجمهور على أنها مندوبة أو فرض على الكفاية، وقد ورد في فضلها قول النبي صلى الله عليه وسلم: "إن المسلم إذا عاد أخاه المسلم لم يزل في خرفة الجنة حتى يرجع" رواه مسلم. (الخرفة: اجتناء ثمر الجنة) logo إن الغذاء الطيب من مكسب حلال يكسب القلب قوة، ويكسبه صفاء وإخلاصا، ويكون سببا في قبول الأعمال وإجابة الدعوات. والغذاء الطيب يكون سببا في بركة الله ومباركته للأعمال والأعمار والأموال، وأثر ذلك واضح، فقد ثبت عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: (كل لحم نبت على سحت فالنار أولى به) إذا عرف الصغير ربه، وعظم قدر ربه في قلبه، نشأ على طاعة الله تعالى، ونشأ على محبته، وأحب عبادة الله وعظمها في صغره، وسهلت عليه وداوم عليها في كبره، وكره المعصية ونفر منها، وكره كل ما نهى الله تعالى عنه؛ حيث أن آباءه يعلمونه الخير ويؤدبونه عليه الاعمى إذا أراد الصلاة فعليه أن يتحرى القبلة باللمس للحيطان إذا كان صاحب البيت، وإلا فعليه أن يسأل من حضر عنده، فإن لم يكن عنده من يسأله تحرى وصلى بالاجتهاد الغالب على ظنه، ولا إعادة عليه، كالبصير إذا اجتهد في السفر ثم تبين له خطأ اجتهاده فلا إعادة عليه. لم يوجد أحد من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم دخل في بدعة ولا خالف السنة ولا جماعة المسلمين،ولا خرج على أئمة الدين بل الصحابة كلهم عدول؛ وذلك لأنهم تلقوا الوحي من النبي مباشرة فوصل الإيمان إلى قلوبهم، فلم يكن إيمانهم عن تقليد بل عن فقه واتباع.
shape
كتاب الروض المربع الجزء الثالث
245832 مشاهدة print word pdf
line-top
بيع الملامسة والمنابذة

ولا يصح بيع الملامسة بأن يقول: بعتك ثوبي هذا على أنك متى لمسته فهو عليك بكذا، أو يقول: أي ثوب لمسته فهو لك بكذا، ولا بيع المنابذة كأن يقول: أي ثوب نبذته إلي أي طرحته فعليك بكذا؛ لقول أبي هريرة -رضي الله تعالى عنه- إن النبي -صلى الله عليه وسلم- نهى عن الملامسة والمنابذة متفق عليه.


هذان بيعان في الجاهلية، كان أهل الجاهلية يتعاملون بمعاملات مشتملة على غرر وعلى جهالة، ولكنهم لجهلهم يعملون بالجهالة، فكانوا يتعاملون بهذا النوع من المبايعة الملامسة والمنابذة، ويسمونها بهذا، هذا هو اسمها عندهم ملامسة منابذة، الملامسة مشتقة من اللمس، والمنابذة مشتقة من النبذ الذي هو الطرح، فاختلف في تفسير الملامسة فمنهم من يقول: إنه إذا قال: أي ثوب لمسته فهو لك بعشرة، بمجرد ما تلمسه بيدك يتفقان على ذلك يرضى اللامس ويرضى البائع، أو يقول البائع: أي ثوب ألمسه فعليك أن تأخذه بعشرة. قد يقع اللمس على ثوب رخيص فيغبن المشتري، أو على ثوب غال فيغبن البائع إذا باعه رخيصا هذه صفة.
وقد يقول مثلا في غير الثياب مثلا: أي كيس وضعت يدك عليه أو لمسته فهو لك بمائة مثلا أو بمائتين، فتقع يده على ما لا يساوي ذلك أو على ما يساوي أضعافه فيقع الغبن، فلا بد أن يكون فيه غبن إما لهذا وإما لهذا.
ولا شك أن مجرد اللمس يعتبر غررا، فقد يلمس رخيصا وقد يلمس غاليا، سواء كان من الثياب مثلا أو من الحذاء أو من الفرش أو من الغنم مثلا أي كبش لمسته أو أدركته فهو لك بكذا. والكباش قد تختلف؛ فلا بد أن يكون معينا البيع لا بد أن يقول: بعتك هذا الثوب أو هذا الكبش مثلا أو هذا الكيس أو هذا النعل، بخلاف ما إذا قال: أي ثوب تلمسه فهو لك بكذا.
وكذلك المنابذة مشتقة كما قلنا من النبذ وهو الطرح يقول الله تعالى: نَبَذَ فَرِيقٌ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ كِتَابَ اللَّهِ يعني طرحوه نبذوا الكتاب وراءهم واستبدلوا، نبذوا كتاب الله خلف ظهورهم، فالنبذ هو الرمي بالشيء، نبذه يعني رمى به، فالمنابذة مشتقة من النبذ الذي هو رمي الشيء وطرحه، لكنه هنا كأنه يقول: أي ثوب أنبذه إليك فإنك تأخذه بعشرة مثلا، أو أي كتاب آخذه وأطرحه إليك كأن يغمض عينيه ويأخذ ثم ينبذ فقد يأخذ ما هو رخيص وقد يأخذ ما هو غال.
وكذلك كل شيء ينبذ الغالب أن النبذ إنما يكون في الشيء الذي يحمل الذي خفيف تحمله الأيدي الثوب مثلا قطعة قماش أو عمامة أو حذاء أو كتاب أو سكين أو سيف أو شيء مما يحمل كإناء أو نحو ذلك معلوم أنها تختلف اختلافا ظاهرا بالغلاء والرخص، فإذا قال: أي ثوب أنبذه إليك فهو لك بعشرة فالغالب أنه يقع غبن في أحدهما. هذه هي المنابذة نعم.
.... لا بد أنه يعين يقول: أعطني هذا الثوب، أو لا أبيعك هذا الثوب إلا بكذا وكذا.
.... إذا كانت معينة يجوز. نعم.

line-bottom