اختار بعض العلماء أن وقت الختان في يوم الولادة، وقيل في اليوم السابع، فإن أخر ففي الأربعين يوما، فإن أخر فإلى سبع سنين وهو السن الذي يؤمر فيه بالصلاة، فإن من شروط الصلاة الطهارة ولا تتم إلا بالختان، فيستحب أن لا يؤخر عن وقت الاستحباب.أما وقت الوجوب فهو البلوغ والتكليف، فيجب على من لم يختتن أن يبادر إليه عند البلوغ ما لم يخف على نفسه تفكروا في آيات الله وكيف بسط الله عز وجل الأرض، وجعل فيها الجبال والوهاد والأودية، والمنخفضات والمرتفعات والرمال والأبطحة، والمعادن التي في جوفها والمياه، وما شابه ذلك.فلو أن الإنسان أخذ يتدبر في هذه المخلوقات وأخذ يكرر ذلك لحفظ وقته من الضياع، وازداد يقينا وقوي إيمانه، ولم تتطرق إلى عقله الشكوك والتخيلات الشيطانية. اشترط كثير من العلماء أن يكون التيمم بتراب له غبار يعلق باليد، ومنعوا التيمم بالرمل ونحوه مما لا غبار له، وألزموا المسافر أن يحمل معه التراب إذا سافر في أرض رملية، ولعل الصحيح جواز التيمم بالرمل؛ لعموم قوله صلى الله عليه وسلم: "جعلت لي الأرض مسجدا وطهورا" متفق عليه. الدين الذي في ذمة من هو قادر على الوفاء يزكى؛ لأنه بمنزلة الأمانة عنده، ويقدر صاحبه أن يأخذه ويتحصل عليه متى طلبه، وأما الدين الذي عند معسر أو مماطل ولو كان غنيا، فإن صاحبه لا يقدر على الحصول عليه، ولو طالبه قد يدعي الإعسار والفقر، فمثل هذا المال كالمعدوم، فلا زكاة عليه إلا إذا قبضه اللسان أمانة،استودعه الله عندنا وأمرنا بأن نستعمله في الذكر وفي العلم وفي التعليم وفي النصيحة وما أشبه ذلك، ولا نستعمله في غيبة ونميمة ولا في هجاء ولا في عيب وقذف وهمز ولمز وما أشبه ذلك. وهكذا بقية الجوارح أمانات داخلة في قول الله تعالى: (والذين هم لأماناتهم وعهدهم راعون) .
كتاب الروض المربع الجزء الثالث
206153 مشاهدة
إذا قال: بعتك الصبرة كل قفيز بكذا

وإن باع ثوبا أو صبرة، وهي الكومة المجموعة من الطعام. أو باع قطيعا كل ذراع من الثوب بكذا أو كل قفيز من الصبرة بكذا أو كل شاة من القطيع بدرهم صح البيع، ولو لم يعلما قدر الثوب والصبرة والقطيع؛ لأن المبيع معلوم بالمشاهدة، والثمن معلوم بإشارته إلى ما يعرف مبلغه بجهة لا تتعلق بالمتعاقدين، وهي الكيل والعد والذرع.


الثوب يراد به القماش الذي يباع ذرعا، عادة أنه يكون مطويا على طول، أو مطويا عرضا أو طولا، فيأتي ومعه هذه اللفافة من القماش يمكن أن ذرعها خمسون ذراعا أو ستون أو ثلاثون، فيقول: بعتك هذا القماش وكل ذراع بدرهم، فيقول: اشتريته سواء صارت عشرين ذراع أو مائة ذراع. البيع صحيح ليس فيه جهالة، المبيع مشاهد وهو هذا القماش، والمقاس معروف وهو الذراع، الذراع الذي كانوا يتعاملون به، كانوا يتعاملون به في هذه البلاد قبل سبع سنين يعني مقدر بأربعة وخمسين سم، فالذراع معروف والقماش مشاهد، ولا عبرة بقلته أو كثرته، ويقول سوف آخذه إن كان سبعين ذراع إن كان ثمانين إن كان ستين كل ذراع بدرهم، لا جهالة في ذلك ولا محذور فيه، فالبيع صحيح.
ومثله الصبرة إذا أتيت إليه وعنده صبرة من طعام والصبرة هي: الكومة، الصبرة إذا كانت من الطعام كومة يعني: من البر أو من الأرز أو من الدخن أو من الذرة أو من الفول أو من الحمص يعني مما يكال. الكومة تسمى صبرة، فإن كانت كومة من الحديد فإنها تسمى زبرة لقوله تعالى: آتُونِي زُبَرَ الْحَدِيدِ فإذا جئته وعنده هذه الكومة لا تدري كم صاع، فقلت: أنا أشتري منك هذه الكومة كلها كل صاع بدرهم. صح البيع وصح الشراء؛ لأنك تشاهد الطعام الذي يكال تشاهده عيانا، وليس فيها اختلاف، أعلاه وأسفله سواء، وهو على مستوى من الأرض فتقول سوف أشتريها كلها إن كانت عشرين صاعا بعشرين درهما وإن كان مائتين بمائتي درهم، المبيع مشاهد يعني أنه اشتراها كلها والثمن معلوم، فلا محظور في ذلك.
وكذلك لو أتيته وعنده قطيع من الغنم، القطيع العدد من الأغنام يبلغ مثلا عشر إلى عشرين أو ثلاثين تسمى قطيعا من الغنم، فهذا القطيع جئت إليه وإذا هو قد أوقفه البيع وشاهدته عيانا وعرفتها كلها وقلت اشتري منك هذا القطيع كل شاة بدرهم أو بمائة، فوافق على ذلك وأنت لا تعرف عددها ولكنك تشاهدها سواء اشتريها كلها سواء كانت عشر أو مائة، فلا جهالة في ذلك، والبيع صحيح؛ وذلك لأن الثمن عرف بالتسمية والمثمن عرف بالمشاهدة...