يجوز أن يعلم القبر بعلامات يعرف بها، فقد ثبت أنه صلى الله عليه و سلم لما دفن عثمان بن مظعون جعل عند قبره حجرا وقال: "أعرف به قبر أخي، وأدفن إليه من مات من أهلي". فيجوز أن يجعل علامة كحجر أو لبنة أو خشبة أو حديدة أو نحو ذلك، ليميز بها القبر عن غيره حتى يزوره ويعرفه.أما أن يكتب عليه فلا يجوز؛ لأنه قد نهي أن يكتب على القبور حتى ولو اسمه، وكذلك نهي أن يرفع رفعا زائدا عن غيره. لم يوجد أحد من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم دخل في بدعة ولا خالف السنة ولا جماعة المسلمين،ولا خرج على أئمة الدين بل الصحابة كلهم عدول؛ وذلك لأنهم تلقوا الوحي من النبي مباشرة فوصل الإيمان إلى قلوبهم، فلم يكن إيمانهم عن تقليد بل عن فقه واتباع. إن أهمية الوقت معلومة عند كل عاقل؛ ذلك أن وقت الإنسان هو رأسماله، وهو عمره أيامه ولياليه، فإذا ما ضاع رأس المال، ضاعت الأرباح، وإذا عرف الإنسان ذلك، حرص على أن يستغلها ويستفيد منها وألا يضيعها، ليكون بذلك رابحا       إن المؤمن بربه يرضى بالقضاء والقدر، ويعلم أن ما أصابه لم يكن ليخطئه، ويعلم أن في الابتلاء والامتحان خيرا كثيرا وأجرا كبيرا، وأن المصائب والنكبات يخفف الله بها من الخطايا، فيستحضر قول النبي صلى الله عليه وسلم: "ما أصاب العبد المسلم من نصب ولا وصب ولا هم ولا حزن ولا أذى ولا غم، حتى الشوكة يشاكها، إلا كفر الله بها من خطاياه" متفق عليه. قال النبي صلى الله عليه وسلم: "أد الأمانة إلى من ائتمنك، ولا تخن من خانك". فلو خانك إنسان فلا تجازه بالخيانة، بل اصفح وتجاوز عنه حتى يثيبك الله بالحسنى ويعفو عنك، ويعاقبه على خيانته إذا كان قد تعمدها، ولربما ندم إذا رآك تعامله بهذه المعاملة وهو قد خان! فيندم ويتخلق بأخلاقك؛ فيكون عملك هذا دعوة وسببا للتخلق بهذا الخلق العظيم.
كتاب الروض المربع الجزء الثالث
218178 مشاهدة
بيع الشيء المشاع بينه وبين غيره

والثانية أشير إليها بقوله: ولو باع مشاعا بينه وبين غيره كعبد مشترك بينهما، أو ما ينقسم عليه الثمن بالأجزاء كقفيزين متساويين لهما، صح البيع في نصيبه بقسطه من الثمن؛ لفقد الجهالة في الثمن لانقسامه على الأجزاء، ولم يصح في نصيب شريكه لعدم إذنه.


هذه الصورة الثانية من صور تفريق الصفقة، وذلك إذا كانت الشاة مشتركة نصفها لك ونصفها لشريكك في هذه الحال بعت الشاة كلها بمائة، وشريكك ما أذن لك أن تبيع نصيبه، فإذا كان ما أذن لك جاءك وقال: مَن الذي أرخص لك أن تبيع نصيبي؟ أنا أريد نصيبي لي، ولا أريد أن أبيع نصفي. المشتري يقول: أنا اشتريت الشاة كلها بمائة، والبائع يقول: أنا تجرأت على شريكي معتقدا أنه يجيز البيع ولم يجزه، والآن لا أملك إلا النصف فخذ نصفي بنصف الثمن، ونرد عليك النصف الثاني، وتكون الشاة بينك وبين شريكي بدل ما كانت بيني وبينه. يصح هذا في كل شيء مشاع، يعني: الشركة مشاعة كبيت بينهما نصفين، أو سيارة بينهما نصفين، أو فرس أو جمل أو بقرة أو سيف مشترك بين اثنين فباعه أحدهما كله، ثم إن شريكه امتنع من الموافقة، فيصح بالإجازة إذا قال الشريك: قد أجزتك صح، ويصح في نصفه الذي هو نصيب البائع إذا لم يجزه الشريك بأن قال: لا أريد البيع، فيصح في نصيب البائع دون نصيب الشريك الذي لم يجز سواء كان قليلا كثُمْنه مثلا، أو كثيرا كسبعة أثمانه، وسواء كان الشركاء اثنين أو ثلاثة أو عشرة.
لو مثلا أنه قال: بعتك البيت وأنا لا أملك إلا عُشره، وإخوتي عشرة -كلهم- أنا العاشر كلهم له نصيب فيه، فجاء إخوته وقالوا: لا نريد البيع. ففي هذه الحال يجوز أن يقتصر المشتري على عُشره بعُشر الثمن، ويرد الباقي، وإن قال: لا حاجة لي فيه وماذا أفعل بعُشره أو بنصفه أو بثلاثة أرباعه؟ لا حاجة لي فيه أعطوني دراهمي له ذلك. نعم.