قال النبي صلى الله عليه وسلم: "أد الأمانة إلى من ائتمنك، ولا تخن من خانك". فلو خانك إنسان فلا تجازه بالخيانة، بل اصفح وتجاوز عنه حتى يثيبك الله بالحسنى ويعفو عنك، ويعاقبه على خيانته إذا كان قد تعمدها، ولربما ندم إذا رآك تعامله بهذه المعاملة وهو قد خان! فيندم ويتخلق بأخلاقك؛ فيكون عملك هذا دعوة وسببا للتخلق بهذا الخلق العظيم. logo    جاء الشرع الشريف مرغبا في حسن المعاملة مع الأفراد والجماعات ؛ فحث على اختيار الرفقاء الصالحين ونفر من قرناء السوء، ورغب في زيارة الإخوان والأنس بهم، وأخبر بأن المؤمن الذي يخالط الناس ويصبر على أذاهم أفضل من صاحب العزلة؛ فإن الأول ينفع الناس ويرشدهم، ويتحمل ما ناله في ذات الله من إساءة وضرر. إذا ضعفت العقيدة في القلوب ضعف العمل، فإذا رأيت الذي يكون ضعيفا في عباداته، في صلواته وزكواته وما إلى ذلك، فاعلم أن ذلك لضعف في عقيدته بالأساس.فالعقيدة حقيقة إذا امتلأ بها القلب ظهرت آثارها على الجواربالوقوف قائما أو عدم الاستظلال أو بترك الكلام فهذا ليس فيه طاعة شريعة الإسلام شريعة واسعة كاملة، اشتملت على كل ما تمس إليه حاجة البشر، حاجة الذكور والإناث في الدنيا وفي الآخرة، فذكر الله تعالى نساء الدنيا وجعل لهن أحكاما، وذكر النساء في الآخرة وذكر ثوابهن كثواب الرجال المؤمنين، وفي هذا تمام العدل والحكمة إن غسل أعضاء الوضوء في اليوم خمس مرات دليل على أن الإسلام جاء بما ينشط البدن وينظفه، كما جاء بما يطهر الروح ويزكيها. فهو دين الطهارة الحسية والمعنوية.
shape
كتاب الروض المربع الجزء الثالث
284649 مشاهدة print word pdf
line-top
القول للقابض في المال الثابت في الذمة

إلا في خيار شرط فقول مشترٍ وقول قابض ثابت في ذمة من ثمن وقرض وسلم ونحوه إن لم يخرج عن يده، وقول مشتر في عيب ثمن معين بعقد.


فهذه أيضا ما يقبل فيها قول أحد المتبايعين. القابض هو المستلم الذي يستلم الشيء، فيقبل قوله. وقول قابض لشيء ثابت في الذمة كثمن المبيع والقرض والسلم والدين وما أشبهه. هذه الأشياء ثابتة في الذمة.
فإذا مثلا جاءك الذي في ذمته لك قرض. بأن كان قد أقبضك عشرة آصع مثلا من بر، فأعطيته كيسا وقلت: هذا فيه عشرة آصع، ثم إنه ذهب به فوجده فاسدا، فالقول قوله؛ القول قوله؛ لأنه قابض لشيء ثابت في الذمة. القرض ثابت في الذمة. وهكذا مثلا لو باعك إنسان شاة بمائة، ثم إن الثمن ثبت في ذمتك، فقبض الثمن، وبعدما قبضه؛ قبضه مجملا، وجد فيه نقصا أو وجده مغشوشا. وجد الدراهم مغشوشة، فله رده بالعيب، وعليه اليمين. تُقدم يمينه على يمين الدافع.
ومثله دين السلم؛ السلم هو الذي عجل ثمنه، وأجل مثمنه. فإذا أسلم إليك إنسان في بر أو في ذرة أو في تمر، ثم جاء وقبضه، وبعدما حازه وجده فاسدا. فإن له رده، وله أن يحلف أنه فاسد قبل قبضه. وهكذا كل شيء ثابت في الذمة مثل: الرهن الذي هو عند المرتهن، ثم قبضه صاحبه فوجده متغيرا أو معيبا، ومثل الدية؛ إذا قبض قسطا منه فوجده معيبا، ومثل عوض الصلح، ومثل أجرة الدار؛ إذا قبضها من المستأجر فوجدها فاسدة أو ناقصة، فالقول قول القابض؛ وذلك لأنه صاحب اليد. والأصل أن القبض إنما يكون للشيء الكامل، والأصل أن المفقود غير مقبوض. أنه باق عند الأول. الأصل عدم القبض في الجزء الفائت كما تقدم.
هذا في معنى قوله: وقول قابض في ثابت في ذمة من ثمن وقرض وسلم ونحوه وإلا لم يخرج عن يده. أما إذا خرج عن يده فإن للبائع أو للدافع أن يطلب اليمين، ولا يَقبل يمينه؛ لأنه فرط بعدم إمساكه. قبض الثمن مثلا وأعطاه خادما، وهذا الخادم قد يكون أفسده مثلا أو غيره أو مزقه أو نحو ذلك، فللدافع أن يطالب برده سالما، أو أن يحلف أنه دفعه سالما غير معيب.

line-bottom