من كان مسافرا ولم يصل المغرب والعشاء فأدرك العشاء خلف إمام مقيم فالمختار أنه يصلي المغرب وحده، فإذا صلاها دخل معه في بقية العشاء، وذلك لاختلاف النية؛ فإن المغرب والعشاء متفاوتان بينهما فرق في عدد الركعات. هذا الذي نختاره. وأجاز بعض المشائخ أنه يدخل معهم بنية المغرب، فإذا صلوا ثلاثا فارقهم وتشهد لنفسه وسلم، ثم صلى العشاء، ولكل اجتهاده تعبير الرؤيا يرجع فيه إلى معرفة أشياء تختص بالرائي وما يتصل به، وكذا معرفة القرائن والأحوال، ومعرفة معاني الكلمات وما يتصل بها لغة وشرعا وما يعبر به عنها، وهذه الأمور ونحوها يختص بها بعض الناس لانشغالهم بمعرفتها وما يدور حولها، فعلى هذا لا يجوز لكل أحد أن يعبر الرؤى، فقد يفهم فهما بعيدا، وقد يأخذ التعبير من اللفظ لا من المعنى فيخطئ في ذلك. (يجب) على الوالد التسوية بين أولاده في العطية والتمليك المالي، (ويستحب) له التسوية في المحبة والرعاية، لكن إذا كان فيهم من هو معاق أو مريض أو صغير ونحوه فالعادة أن يكون أولى بالشفقة والرحمة والرقة. وقد سئل بعض العرب: من أحب أولادك إليك؟ فقال: الصغير حتى يكبر، والمريض حتى يبرأ، والغائب حتى يقدم. اللسان أمانة،استودعه الله عندنا وأمرنا بأن نستعمله في الذكر وفي العلم وفي التعليم وفي النصيحة وما أشبه ذلك، ولا نستعمله في غيبة ونميمة ولا في هجاء ولا في عيب وقذف وهمز ولمز وما أشبه ذلك. وهكذا بقية الجوارح أمانات داخلة في قول الله تعالى: (والذين هم لأماناتهم وعهدهم راعون) . لا بأس أن يكتب المسلم اسمه في طرة المصحف (جانبه) مخافة اشتباه مصحفه بغيره، فقد لا يناسبه إلا مصحفه المخصص له، ولا بأس أن يكتب بعض الفوائد على الهوامش كتفسير كلمة أو سبب نزول أو ما أشبه ذلك.
كتاب الروض المربع الجزء الثالث
206270 مشاهدة
عقد الصرف

بسم الله الرحمن الرحيم
قال الشارح -رحمه الله تعالى- فصل: ومتى افترق المتصارفان بأبدانهما كما تقدم في خيار المجلس قبل قبض الكل: أي كل العوض المعقود عليه في الجانبين، أو قبل قبض البعض منه بطل العقد فيما لم يقبض سواء كان الكل أو البعض؛ لأن القبض شرط لصحة العقد؛ لقوله -صلى الله عليه وسلم- وبيعوا الذهب والفضة كيف شئتم يدا بيد .


بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله، وصحبه. تقدم أن الصرف هو بيع نقد بنقد سواء كان من جنس؛ كذهب بذهب، وفضة بفضة؛ أو من جنسين؛ كذهب بفضة، أو فضة بذهب.
والعلة فيهما واحدة في الذهب والفضة قد تقدم أن بعض العلماء يقول: العلة فيهما الوزن، وبعضهم يقول: العلة الثمنية. فالذين قالوا: العلة فيهما الوزن، قالوا: يلحق بهما كل موزون؛ فلا يباع بعضه ببعض إلا متماثلا، ولا يباع موزون بموزون ولو كان من جنسين إلا يدا بيد.
فلا يباع حديد بنحاس إلا يدا بيد، نحاس بنحاس مثلا بمثل يدا بيد، أو صوف بشعر، أو بقطن يدا بيد، صوف بصوف مثلا بمثل يدا بيد، أو قطنا بقطن مثلا بمثل يدا بيد؛ هذا على القول بأن العلة فيهما كونهما موزوني الجنس.
فيقال كذلك فضة بفضة مثلا بمثل يدا بيد، ذهب بذهب مثلا بمثل يدا بيد؛ العلة فيهما الثمنية أو الوزن. إذا قيل: العلة فيهما الثمنية ألحق بهما كل ما هو من الأسماء ما يجعل ثمنا للسلع، سواء مضروبا؛ كالحلل التي تصنع من النحاس، أو غير مضروب كالأوراق النقدية في هذه الأزمنة.
وإذا قيل: إن الأوراق لا توزن فعلى القول بأن العلة الوزن لا تكون الأوراق بعضها ببعض ربوية. ولكن إذا قيل العلة الثمنية فمن المعلوم أن الأوراق تجعل أثمانا. فثمن الكيس عدد كذا أوراقا. أوراق نقدية.
وثمن الكرسي أوراق نقدية، وثمن الثوب أوراق نقدية، وثمن العباءة، وثمن الشاة، وثمن السيارة أصبحت هي الأثمان سواء كانت بالريالات السعودية، أو القطرية، أو اليمنية، أو الدولارات الأمريكية، أو الدنانير الدينارات العراقية، أو الكويتية، أو البحرينية، أو الدراهم الدرهم الإماراتي، ونحوه، أو الجنيه المصري، أو السوداني مع اختلافهما، أو الليرة التركية، أو اللبنانية، أو السورية، أو غيرها من العملات. فإنها كلها تجعل أثمانا في بلادهم.
فإنه إذا اشترى منك أحد مثلا ثوبا في مصر لا يسلم لك إلا أوراقا مكتوب عليها جنيه مصري. وكذلك مثلا إذا اشترى منك كيسا مثلا في العراق لا يسلم لك إلا دينارا عراقيا.
فعلى هذا فالأصل والراجح أن العلة فيها الثمنية فيصح التفاوت فيها إذا اختلف الجنس. إذا اختلفت الأجناس فمثلا ريال سعودي، وريال يمني الاسم واحد، ومع ذلك القيمة تتفاوت؛ فيصح صرف هذا بهذا، ولكن لا بد من التقابض في المجلس، ومع وجود التباين، والتفاوت في القدر؛ يعني أن الريال السعودي يساوي عشرين، أو ثلاثين ريالا يمنيا.
وكما أن الريال القطري أثمن من الريال السعودي، وكذلك الدينار الكويتي أرفع قدرا من الدينار العراقي بأضعاف مضاعفة. ولو اتفق الاسم ما دام أن العوض الذي يدفع فيه يتفاوت؛ والرغبة فيه تتفاوت؛ فلذلك يصح التفاوت فيما إذا اختلفا، ولو اتفق الاسم. اختلف المصدر ولكن مع ذلك كله لا بد من التقابض.