إذا عرف الصغير ربه، وعظم قدر ربه في قلبه، نشأ على طاعة الله تعالى، ونشأ على محبته، وأحب عبادة الله وعظمها في صغره، وسهلت عليه وداوم عليها في كبره، وكره المعصية ونفر منها، وكره كل ما نهى الله تعالى عنه؛ حيث أن آباءه يعلمونه الخير ويؤدبونه عليه تفكروا في آيات الله وكيف بسط الله عز وجل الأرض، وجعل فيها الجبال والوهاد والأودية، والمنخفضات والمرتفعات والرمال والأبطحة، والمعادن التي في جوفها والمياه، وما شابه ذلك.فلو أن الإنسان أخذ يتدبر في هذه المخلوقات وأخذ يكرر ذلك لحفظ وقته من الضياع، وازداد يقينا وقوي إيمانه، ولم تتطرق إلى عقله الشكوك والتخيلات الشيطانية. الإسلام خير الأديان نظافة وآدابا، ولم يترك رسول الله صلى الله عليه وسلم لأتباعه أمرا إلا بينه لهم، حتى آداب قضاء الحاجة وما يتعلق بها من التباعد عن النجاسات ونحو ذلك قال النبي صلى الله عليه وسلم: "أد الأمانة إلى من ائتمنك، ولا تخن من خانك". فلو خانك إنسان فلا تجازه بالخيانة، بل اصفح وتجاوز عنه حتى يثيبك الله بالحسنى ويعفو عنك، ويعاقبه على خيانته إذا كان قد تعمدها، ولربما ندم إذا رآك تعامله بهذه المعاملة وهو قد خان! فيندم ويتخلق بأخلاقك؛ فيكون عملك هذا دعوة وسببا للتخلق بهذا الخلق العظيم. يجوز أن يعلم القبر بعلامات يعرف بها، فقد ثبت أنه صلى الله عليه و سلم لما دفن عثمان بن مظعون جعل عند قبره حجرا وقال: "أعرف به قبر أخي، وأدفن إليه من مات من أهلي". فيجوز أن يجعل علامة كحجر أو لبنة أو خشبة أو حديدة أو نحو ذلك، ليميز بها القبر عن غيره حتى يزوره ويعرفه.أما أن يكتب عليه فلا يجوز؛ لأنه قد نهي أن يكتب على القبور حتى ولو اسمه، وكذلك نهي أن يرفع رفعا زائدا عن غيره.
كتاب الروض المربع الجزء الثالث
206182 مشاهدة
تذوق المبيع حال الشراء

ولا بأس بذوق المبيع حال الشراء.


إذا كان المبيع يحتاج إلى من يذوقه كلبن أو دهن أو شيء مما يحتاج إلى معرفة طعمه؛ كالقرنفل مثلا أو الزنجبيل, يعني: من الأشياء التي يعرف طعمها كعسل ودبس وما أشبه ذلك، إذا أخذ منه قليلا وجعله في فمه ليعرف جودته, أو نحو ذلك، فهذا يُعفى عنه ولو كان ما جزم بشرائه؛ لأنه يحتاج إلى معرفته بالتجربة: هل يناسب شراؤه منه أو لا يناسب؟...
إذا كان له نظر, أما إذا لم يكن له رغبة في الشراء وإنما يمر، يمر على صاحب هذا العسل يلعق منه, يمر على الثاني والثالث, هذا -ولا رغبة له في الشراء- فمثل هذا لا يجوز، حرام عليه لأن العسل قد يكون ما يعلق بإصبعه له قيمته تساوي كذا وكذا، وصلى الله وسلم على نبينا محمد .