اشترط كثير من العلماء أن يكون التيمم بتراب له غبار يعلق باليد، ومنعوا التيمم بالرمل ونحوه مما لا غبار له، وألزموا المسافر أن يحمل معه التراب إذا سافر في أرض رملية، ولعل الصحيح جواز التيمم بالرمل؛ لعموم قوله صلى الله عليه وسلم: "جعلت لي الأرض مسجدا وطهورا" متفق عليه. الاعمى إذا أراد الصلاة فعليه أن يتحرى القبلة باللمس للحيطان إذا كان صاحب البيت، وإلا فعليه أن يسأل من حضر عنده، فإن لم يكن عنده من يسأله تحرى وصلى بالاجتهاد الغالب على ظنه، ولا إعادة عليه، كالبصير إذا اجتهد في السفر ثم تبين له خطأ اجتهاده فلا إعادة عليه. لم يوجد أحد من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم دخل في بدعة ولا خالف السنة ولا جماعة المسلمين،ولا خرج على أئمة الدين بل الصحابة كلهم عدول؛ وذلك لأنهم تلقوا الوحي من النبي مباشرة فوصل الإيمان إلى قلوبهم، فلم يكن إيمانهم عن تقليد بل عن فقه واتباع.    جاء الشرع الشريف مرغبا في حسن المعاملة مع الأفراد والجماعات ؛ فحث على اختيار الرفقاء الصالحين ونفر من قرناء السوء، ورغب في زيارة الإخوان والأنس بهم، وأخبر بأن المؤمن الذي يخالط الناس ويصبر على أذاهم أفضل من صاحب العزلة؛ فإن الأول ينفع الناس ويرشدهم، ويتحمل ما ناله في ذات الله من إساءة وضرر. قال النبي صلى الله عليه وسلم: "أد الأمانة إلى من ائتمنك، ولا تخن من خانك". فلو خانك إنسان فلا تجازه بالخيانة، بل اصفح وتجاوز عنه حتى يثيبك الله بالحسنى ويعفو عنك، ويعاقبه على خيانته إذا كان قد تعمدها، ولربما ندم إذا رآك تعامله بهذه المعاملة وهو قد خان! فيندم ويتخلق بأخلاقك؛ فيكون عملك هذا دعوة وسببا للتخلق بهذا الخلق العظيم.
كتاب الروض المربع الجزء الثالث
206102 مشاهدة
استثناء ما لا يصح بيعه مفردا

وعكسه أي: عكس استثناء الأطراف في الحكم استثناء الشحم والحمل ونحوه مما لا يصح إفراده بالبيع، فيبطل البيع باستثنائه، وكذا لو استثنى منه قسما من لحم ونحوه.


يقول: لا يجوز استثناء الشحم والحمل؛ وذلك للجهالة، كما أنه لا يصح بيعه مفردا فكذلك لا يصح استثناؤه مفردا، فلا يقول مثلا: بعتك هذه الشاة واستثنيت حملها. كما لا يقول: بعتك حمل هذه الشاة، فالشاة يجوز بيعها بحملها ولا يجوز بيع الحمل وحده، ولا يجوز بيعها بدون الحمل، فصورتان غير جائزتين وصورة جائزة. فإذا قال: بعتك حمل هذه الشاة لم يجز. أو قال: بعتك هذه الشاة إلا حملها فهو لي لم يجز. وكذلك الشحم، الشحم يدخل فيه شحم الظهر وشحم الألية وشحم السرب وشحم الكلية الشحم الداخل والخارج الذي يرى كشحم الألية، وهذا الشحم يختلف كثيرا بقلته وبكثرته وبطيبه وبرداءته، فلا يجوز أن يستثنيه: بعتك هذه الشاة إلا شحمها، فإنه قد يكون كثيرا أو قليلا، كما أنه لا يجوز إفراد الشحم، بأن يقول: بعتك شحم هذه الشاة بمائة ولي لحمها وعظمها مثلا، لا يجوز إفراد الشحم بالبيع ولا يجوز استثناؤه. نعم.