لم يوجد أحد من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم دخل في بدعة ولا خالف السنة ولا جماعة المسلمين،ولا خرج على أئمة الدين بل الصحابة كلهم عدول؛ وذلك لأنهم تلقوا الوحي من النبي مباشرة فوصل الإيمان إلى قلوبهم، فلم يكن إيمانهم عن تقليد بل عن فقه واتباع. شريعة الإسلام شريعة واسعة كاملة، اشتملت على كل ما تمس إليه حاجة البشر، حاجة الذكور والإناث في الدنيا وفي الآخرة، فذكر الله تعالى نساء الدنيا وجعل لهن أحكاما، وذكر النساء في الآخرة وذكر ثوابهن كثواب الرجال المؤمنين، وفي هذا تمام العدل والحكمة إذا ضعفت العقيدة في القلوب ضعف العمل، فإذا رأيت الذي يكون ضعيفا في عباداته، في صلواته وزكواته وما إلى ذلك، فاعلم أن ذلك لضعف في عقيدته بالأساس.فالعقيدة حقيقة إذا امتلأ بها القلب ظهرت آثارها على الجواربالوقوف قائما أو عدم الاستظلال أو بترك الكلام فهذا ليس فيه طاعة اللسان أمانة،استودعه الله عندنا وأمرنا بأن نستعمله في الذكر وفي العلم وفي التعليم وفي النصيحة وما أشبه ذلك، ولا نستعمله في غيبة ونميمة ولا في هجاء ولا في عيب وقذف وهمز ولمز وما أشبه ذلك. وهكذا بقية الجوارح أمانات داخلة في قول الله تعالى: (والذين هم لأماناتهم وعهدهم راعون) . إن المسلم الملتزم بدين الله ، والذي سار على صراط الله المستقيم ، سيجد دعاة الضلال والانحراف؛ وهم واقفون على جانبي الطريق، فإن أنصت لهم والتفت إليهم عاقوه عن السير، وفاته شيء كثير من الأعمال الصالحة. أما إذا لم يلتفت إليهم؛ بل وجه وجهته إلى الله فهنيئا له الوصول إلى صراط ربه المستقيم الذي لا اعوجاج فيه ولا انحراف
كتاب الروض المربع الجزء الثالث
218181 مشاهدة
تصرف البائع في المبيع إذا كان الخيار له وحده

وتصرف البائع في المبيع إذا كان الخيار له وحده ليس فسخا للبيع .


إذا كان الخيار للبائع، قلنا: إنه لا يجوز له التصرف. فلا يجوز له أن يبيعها، ولا يهبها. إلا إذا عزم على الرجوع، وفسخ البيع. فأما التصرف وهو لم يعزم فإنه يجوز، وليس فسخا للبيع.
فإذا مثلا أنه ركب الدابة، لا يقال أن هذا فسخ للبيع، أنه استرجع دابته، أو حلب الشاة، أو لبس الثوب؛ قد يكون لبسه مثلا للتجربة يعني خوفا عليه من عس أو سوس أو نحو ذلك.
أما تصرفه فيه بما يغير عينه، فلا شك أنه فسخ للبيع. فإذا مثلا هدم الدار أو نقض بناءها وأراد تجديدها فإن ذلك فسخ للبيع، أو غرس في الأرض شجرا فإن ذلك فسخ للبيع، أو نجر الخشبة أبوابا، أو مثلا طحن البر أو خبز الدقيق، فهذا التصرف دليل على أنه قد عزم على الفسخ؛ لأنه يغير العين. بدل ما كان دقيقا أصبح خبزا. بدل ما كان خشبا أصبحت أبوابا. بدل ما كان مثلا هذا زيت أصبح .. وهكذا، فالتصرف الذي يزيل العين يكون فسخا للبيع يكون البائع إذا تصرف فيه دل على أنه فسخه.
وهكذا إذا عمل فيه ما يغير اسمه. إذا كان المبيع مثلا جلدا؛ فقطعه وخرزه أحذية، أو مثلا غير مدبوغ فدبغه، أو خوص أو غزل؛ فنسجه، أو قطن فنسجه، أو أكوام حديد؛ فصنعها مثلا سيوفا أو سكاكين أو نحو ذلك. هذا التصرف يغير عينها، فهو رجوع عن البيع وإبطال له. نعم.